7 أكتوبر 2025 / 22:12

احتجاجات جيل “زد” تكشف عمق الأزمة الاجتماعية وتغير الثقافة السياسية

تحرير: دين بريس

شهدت المدن المغربية خلال أواخر سبتمبر وبداية أكتوبر 2025 موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات قادها ما يعرف بـ”جيل زد”، أي الجيل الرقمي الذي يتراوح عمره بين 13 و28 سنة. انطلقت المظاهرات على خلفية مطالب اجتماعية تتعلق بالصحة والتعليم، في سياق احتقان اجتماعي متصاعد غذته أزمات متراكمة، من ضعف المرافق العمومية وندرة المياه إلى تكرار حوادث وفيات الأمهات في المستشفيات. ورغم المنع الأولي للتظاهر بحجة غياب الترخيص، لجأ الشباب إلى تنظيم احتجاجاتهم عبر تطبيقات رقمية مثل “ديسكورد”، ما مكنهم من مفاجأة السلطات في الزمان والمكان. لكن سرعان الاحتجاجات ما شهدت انفلاتات في بعض المناطق كـ”آيت عميرة” وإنزكان وسلا، حيث وقعت أعمال تخريب ونهب، قبل أن تعود الحركة إلى سلميتها في الأيام التالية.

ويعكس ما جرى تحولات عميقة في بنية المجتمع المغربي وثقافته السياسية. فالأزمة لم تعد محصورة في تردي الخدمات الاجتماعية، بل أصبحت نتاج “مغربين” متوازيين: مغرب الواجهة المزدهرة ومغرب الهشاشة والفقر. حيث تفاقمت الفوارق بفعل تداعيات جائحة كوفيد، والحرب الروسية الأوكرانية، والجفاف المستمر، ما عمق الإحساس بالظلم الاجتماعي لدى فئة الشباب. ومع تراجع دور الأحزاب، وانكماش النخب الفكرية، وانشغال الإعلام بـ”التفاهة” بدل النقاش الجاد، وجد الجيل الجديد نفسه أمام فراغ مؤسساتي وفكري، فعبر عن غضبه في الشارع بأسلوبه الخاص، مستفيدا من أدوات الثورة الرقمية ومفاهيم جديدة للانتماء والمواطنة.

كما تجدر الاشارة الى أن الاحتجاجات الأخيرة ليست مجرد انفجار عابر، بل مؤشر على ولادة مغرب جديد، يعاد فيه ترتيب الأولويات والنقاشات العامة. فقد تحول اهتمام الشباب من كرة القدم والترفيه إلى مساءلة السياسات العمومية وهندسة السلطة. كما امتزجت القضايا الاجتماعية بالتضامن مع غزة، ما أظهر وعيا جماعيا متناميا يتجاوز الحدود الوطنية. غير أن هذا الغضب، يطرح تحديا مزدوجا أمام الدولة والمجتمع: كيف يمكن الاستجابة لتطلعات جيل جديد دون تهديد استقرار البلاد، وكيف يمكن ضمان “سلامة الوليد وسلامة الأم”، أي ولادة مغرب متجدد دون المساس بتماسك الدولة ومكتسباتها.