تحرير: وجدان ناجي
في إندونيسيا يتبلور الإسلام الأخضر كتيار متنامٍ يجمع بين القيم الدينية والالتزام البيئي، ليقدم نموذجا ملهما للعالم الإسلامي والعالم بأسره. يسعى العلماء والمدارس الدينية والجمعيات الأهلية إلى جعل حماية الأرض جزءا لا يتجزأ من العبادة والممارسة الروحية اليومية.
ويظهر هذا التوجّه في مبادرات ميدانية لافتة، مثل بناء مساجد صديقة للبيئة باستخدام البلاستيك المعاد تدويره وقشور الأرز، وتحويل مئات المنازل إلى نمط حياة قائم على صفر نفايات، بما يعزز ثقافة المسؤولية الجماعية تجاه الطبيعة. كما أصبحت خطب الجمعة والدروس الدينية وسيلة لترسيخ الوعي البيئي من خلال تناول قضايا مثل التلوث، وترشيد استهلاك الماء والكهرباء، والحفاظ على الغابات، إلى جانب التعليم الديني التقليدي.
ويرى الخبراء أن مكانة العلماء ودورهم المؤثر يمنح هذه المبادرات قوة أكبر من السياسات الحكومية في تغيير سلوك المجتمع، رغم ما تواجهه من تحديات اقتصادية واجتماعية، مثل اعتماد بعض الفئات على أنشطة مدمرة للبيئة كمصدر رزق، أو نقص التمويل اللازم لاستمرار البرامج الخضراء.
ومع ذلك، أثبتت التجارب الناجحة في إعادة التشجير، وبناء مساجد موفّرة للطاقة، والتعاون بين الجمعيات الدينية والبيئية، أن الإسلام الأخضر ليس مجرد شعار، بل رؤية عملية قابلة للتطبيق. رؤية تسعى لجعل حماية البيئة عبادة ومسؤولية روحية، وتقدّم للعالم الإسلامي والإنساني نموذجا عمليا حول كيفية توظيف القيم الدينية في مواجهة التغير المناخي وصون الأرض للأجيال القادمة.