أقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية مدير البث في القناة الأولى ومدير مجموعة إنتاج أحد برامجها، على خلفية بث مقطع تضمن إساءة لمقدسات المسلمين من أهل السنة، أثار موجة غضب واسعة في الأوساط الدينية والاجتماعية.
وجاء هذا القرار عقب بث برنامج “سيمای خانواده” الذي استضاف خلال إحدى حلقاته شخصا قام بإلقاء قصيدة اعتُبرت مسيئة للخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
ووصف بيان العلاقات العامة للهيئة ما حدث بأنه “خطأ لا يُغتفر ومشبوه”، مؤكدا أن الحفاظ على وحدة المسلمين واحترام جميع أتباع المذاهب الإسلامية يمثل أولوية قصوى.
ويُعد برنامج “سيمای خانواده” من البرامج الاجتماعية الشهيرة في القناة الأولى الإيرانية، ويركز على قضايا الأسرة والمجتمع، ويستضيف خبراء لمناقشة مواضيع الصحة والعلاقات الأسرية والتربية، إلا أن بث المقطع المسيء بتاريخ 23 أبريل 2025 فجّر موجة استنكار، خاصة أن الحادثة أعادت إلى الواجهة انتقادات متكررة لوسائل الإعلام الإيرانية الرسمية بخصوص معالجتها لقضايا التنوع المذهبي.
وتُعتبر هذه الواقعة امتدادا لسلسلة من الحوادث السابقة التي شملت إساءات لمعتقدات أهل السنة عبر وسائل الإعلام الرسمية، ما استدعى في كل مرة ردود فعل غاضبة ومطالبات بالتصحيح والاعتذار، ومؤخرا، اضطرت هيئة الإذاعة والتلفزيون إلى الاعتذار رسميا للمملكة العربية السعودية إثر بث برنامج ساخر من وزير الخارجية السعودي على قناة “نسيم”.
من جانبه، أشاد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بالتحرك السريع للسلطات الإيرانية، واعتبر أن إقالة المسؤولين وإحالة المتورطين للقضاء تمثل خطوة إيجابية نحو التصدي لأي خطاب يهدد وحدة المسلمين أو يسيء إلى مقدساتهم.
وأكد المرصد أن هذا التحرك يعكس وعيا بأهمية حماية السلم المجتمعي في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعدا في التوترات الطائفية.
وشدد على ضرورة تحكيم العقل والحكمة في الخطاب الإعلامي والديني، داعيا إلى احترام مقدسات جميع المذاهب الإسلامية، وتفادي كل ما من شأنه بث الفرقة والانقسام بين أبناء الأمة الواحدة.
وأشار مرصد الأزهر إلى أن هذه الحادثة تبرز الحاجة الملحة إلى إرساء قواعد ثابتة للحوار الإسلامي–الإسلامي تقوم على الاحترام الكامل للتنوع المذهبي، محذرا من أن استغلال الإعلام في بث الكراهية يمكن أن يكون له أثر خطير على استقرار المجتمعات الإسلامية.
وكان الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قد دعا خلال مؤتمر البحرين للحوار الإسلامي–الإسلامي، إلى ضرورة إحياء ثقافة الحوار بين المسلمين وترسيخ مبادئ الاحترام المتبادل، مطالبا بميثاق شرف إعلامي يحظر التعرض للمقدسات والرموز الدينية.
وفي ختام بيانه، دعا مرصد الأزهر إلى اغتنام هذه الحادثة كمناسبة لمراجعة الخطاب الإعلامي والديني في العالم الإسلامي، والعمل المشترك من أجل صيانة وحدة الأمة الإسلامية ومواجهة التحديات الكبرى التي تفرضها المرحلة الراهنة.