7 يوليو 2025 / 13:26

إعادة امتلاك المنهج السليم في قراءة النص المطلق العظيم

محمد التهامي الحراق

قد يبدو ما أقوله هنا، وقد قلته سابقا وكتبته مفصلا، مكرورا ومغلقا على البعض لطابعه الإبستمولوجي النظري. وهو لمن يعلم ذلك أساسي ومصيري. إذا لم نواجه بيقين إيماني وجرأة معرفية عوائق العقل المسلم والمتمثلة في ترهل عدد من مفاهيمه وآلياته ومسلماته المعرفية البشرية الموروثة، والتي نخلط بينها وبين المتعاليات والأسس العقدية والتعبدية والأخلاقية الدينية الثابتة؛ إذا لم نقم بهذا العمل العلمي والمعرفي والتخصصي المحض، فإننا سنظل أسارى نفس المشاكل، لأننا لم نراجع أدوات تفكيرنا واستمدادنا من الوحي الخالد؛ ولكوننا نقدس نتائج اجتهادات أجدادنا وأدوات تفكيرهم متوهمين أنها إلهية، في حين أن علوم الفقه وأصوله والكلام والتفسير وعلوم القرآن والحديث واللغة بما هي علوم آلة للنظر في الوحي…هي نتاج بشري أو نتاج حوار العقل البشري مع الوحي. ومتى ما كف هذا العقل عن تطوير مناهجه ومعارفه ومفاهيمه وأدواته بما يتلاءم وتطور العقل البشري في مختلف جوانبه وعلومه، فإننا سنعتقل الوحي الخالد المطلق في فهوم زمنية تاريخية نسبية.

إن النص المطلق العظيم اللامحدود قد يفقد عظمته مع الفهوم البسيطة النسبية المحدودة. هذا هو العمل الكبير المؤجل؛ ودونه سنظل نتخبط ونحن نناقش تعديلات مدونة الأسرة، أو سؤال الفوائد البنكية هل هي ربا؟ وسؤال علاقة الفن بالدين…إلخ.

يجب أن نغير موضوع النظر، الأمر ليس في العمل أو عدم العمل بحكم الله تعالى، بل في أدوات العقل المعاصر، عقل ما بعد الثورات العلمية والمنهجية والفلسفية واللسانية والتيولوجية…، وكيف يمكن أن نستثمرها في إعادة امتلاك المنهاج السليم الذي اجتهد فيه الأجداد لتحيينه وتطويره وفق ممكنات هذا العقل غير المسبوقة، والإفادة النقدية منها لمحاورة المصادر الوحيانية، من أجل قول جديد في فهم هذه النصوص يلائم روح زماننا وخالد مقاصد الوحي الرباني.

أعرف أن البعض يعرف ما أقول ويصمت عليه، والبعض الآخر لا يستوعب مثل هذا الطرح، وغيرهم يسيء فمهم فيتهمه ويشيطنه، والبعض الآخر غير مستعد للتكلفة التاريخية التي يستوجبها إنقاذ العقل المسلم. لكن هكذا تبدو لي الأمور بصدق إيمان وخالص يقين ومحبة.
بوركتم