إسبانيا تهرب بالمشكل مع المغرب إلى الأمام

محمد علي لعموري
آراء ومواقف
محمد علي لعموري12 يونيو 2021آخر تحديث : السبت 12 يونيو 2021 - 8:16 صباحًا
إسبانيا تهرب بالمشكل مع المغرب إلى الأمام

محمد علي لعموري
صدر بلاغ الإدانة من البرلمان الأوربي بأسلوب فيه الكثير من الديبلوماسية والتنمق اللغوي الذي يروم الحفاظ على شعرة معاوية مع المغرب بعد لجوء اسبانيا العضو في الاتحاد إلى الاستنجاد بقوته للإلتفاف على المشكل الحقيقي الذي أزم علاقتها مع شريكها الاستراتيجي في مكافحة الهجرة السرية والجريمة العابرة للقارات، والتعاون الاقتصادي الذي يفرضه القرب الجغرافي وتداخل المصالح الحيوية وهو المغرب.

ضحت اسبانيا بكل ذلك من أجل الضغط على المغرب، بعد أن أصبح هذا الأخير يتحرك بنجاح ديبلوماسي زعزع الثابت الذي يؤبد قضية الصحراء لتبقى دوما ورقة ضغط لدى اسبانيا، وشماعة العقيدة العسكرية للجزائر لإطالة أمد وضعية اللاحرب واللاسلم مع المغرب وذلك خدمة لأجندتها الداخلية، بتأليب الرأي العام الداخلي ضد ” عدو مفترض” لا تؤمن به سوى الطغمة العسكرية المستأثرة بالحكم ضدا عن رغبة الشعب الجزائري الشقيق.

هذا هو المغرب الذي أصبح يثير القلق لدى جيرانه في السنوات الاخيرة بسبب الاختراق الذي يحققه لكسب القضية الصحراوية لصالحه وسعيا منه لطي الملف نهائيا.

فمنذ تدخله في الكركرات وتحريرها، وتسجيله لنصر سياسي من خلال الإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، ثارت ثائرة كل من الجزائر ودميتها بوليزاريو، وألمانيا ومعها اسبانيا ضد هذا النصر المغربي.

إن حسابات القوى الأوروبية تنهل من عقيدة الاستعمار الذي خرجت منه مهزومة بفضل المقاومة والنضال من أجل تحرير الوطن، وهي اليوم تخطط لمستقبل واعد بالعطاء لن يكون إلا مع القارة السمراء “إفريقيا”، وبوابة هذه القارة الغنية بالمعادن النفيسة هو المغرب الذي ينهض اقتصاديا، ويتحرك باتجاه توحيد الصف الإفريقي، خاصة بعد عودته إلى بيته القديم الإتحاد الافريقي، كما أن حجم استثماراته في الدول الافريقية يزعج دول الجوار، وترسيم حدوده المائية، وتداول أخبار احتكام مياهه الإقليمية على جبل عائم يحفل بثروة هائلة من المعادن التي تدخل ضمن المواد الأساسية للصناعة الكهربائية ذات الاستشراف المستقبلي، وكذا التعاون العسكري المغربي الأمريكي…كل هذا جعل اسبانيا ترتكب خطأ استراتيجيا مع المغرب، وتتعاون استخباراتيا مع الجزائر بإدخال زعيم جبهة بوليزاريو بجواز سفر مزور قصد إخفائه عن أعين ضحاياه، وتمكينه من الافلات من المتابعة القضائية.

إن تفجير هذا السر وإخراجه إلى العلن من طرف الديبلوماسية المغربية، وضع اسبانيا في وضع حرج مع المغرب، ودفعها بعد تفجر حادثة نزوح آلاف المهاجرين باتجاه مدينتي سبتة و مليلية السليبتين، إلى الهروب إلى الأمام والاستنجاد بالاتحاد الأوروبي للتدخل وإصدار بيان استنكار وإدانة ضد المغرب، واعتبار حدود الاتحاد تشمل مدينتي سبتة ومليلية المغربيتين، واللتين يعتبرهما المغرب والمغاربة من بقايا الاستعمار القديم.

لقد وقع الاتحاد الاوربي هو أيضا في فخ الاستنكار الذي أبان عن نظرة غير براغماتية وغير واقعية، وأبان كذلك عن نزعة استعمارية ما زالت تسكن وجدان ومخيال وكبرياء الدول المشكلة للاتحاد الأوروبي.

فبعد اجتماع البرلمان الأوروبي الذي يضم ممثلي الشعوب الاوروبية بهذا البيان المدين للمغرب بأسلوب منمق ديبلوماسي، يحق للمغرب أن يرد وأن يرد بقوة، وأن يشجب بيان الإدانة، وأن يستنكر تحريف أساس وسبب المشكل الثنائي إلى قضية الهجرة التي أبان فيها المغرب دوما عن حنكة وتدبير موفق لها بشهادة الجميع، ولا أدل على هذا موقف البرلمان العربي، وجامعة الدول العربية، وبيان الإيسيسكو ، وكلها بيانات مضادة لبيان البرلمان الأوروبي الذي انحاز للطرف العضو في الاتحاد ضد الطرف المغربي الشريك الأساسي للإتحاد الذي وصفه هذا الأخير بالحليف الاستراتيجي خارج الاتحاد.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.