محمد علي لعموري
كثيرا ما أصادف عمال النظافة وهم يتسولون ويتوسلون الناس ويسألونهم المساعدة، وكأنهم في حكم العاطلين عن العمل! بل إن العاطلين قد لا تجد عندهم تلك الجسارة في سؤال الناس، ربما لأنه العاطل عن العمل الأعزب ليست لديه مسؤولية إلا مسؤولية نفسه، وغالبا ما يعوله أحد من أفراد الأسرة. بينما نجد عامل النظافة قد تورط في زواج يدفعه إكراه المسؤولية تجاه البيت من أن يبحث عن موارد إضافية، متى علمنا أن الأجر الضعيف لعامل النظافة ببلادنا يبعث على العار وعلى الشفقة.
عامل النظافة يعاني وصما مجتمعيا ينعته ب” الزبال” ، ويا ليتها من توصيفة ظالمة وواصمة واحتقارية!! ، وكأن الذي يتسبب في مشكلة تراكم الأزبال والنفايات هم عاملو النظافة وليس هذا “المواطن” مع التحفظ حول كلمة مواطن، لأن هذا الأخير لا يساهم في تعذيب مواطن حرفته هي جمع الأزبال والقادورات وتنظيف الشوارع والأزقة مما تصنعه جهالة ولا مسؤولية هذا الذي نسميه ب”المواطن”. فأين المواطن هنا وأين الزبال؟؟
مؤسف أن يتوسل عامل النظافة الناس في الشارع بعد أن فقد ماء وجهه وكرامته واضطرته ظروف الحياة القاسية وتكاليف العيش الغالية من وأد ما تبقى من كرامة بطلب يد المساعدة من ” المواطنين” وكأنه يستجديهم إحسانا وصدقة !
فلو أن المسؤولين فهموا وقدروا جهود هذا العامل في مجال النظافة وخصصوا له أجرا محترما يكفل له مواطنته وكرامته وآدميته لما صادفتنا وصدمتنا مثل هذه المشاهد المؤسفة التي تصيب كل متعاطف مع الفقراء ومع الطبقة الشغيلة الكادحة بالاشمئزاز والغضب والغيرة على هذا الوطن الذي نجد فيه هذه الوضعيات المخلة بكرامة عمال النظافة داخل مجتمعنا المغربي.
طبعا هذا التضامن مع عمال النظافة ينبغي ألا يحجب عنا حقيقة سوسيولوجية باعتبارها واقعا لا يرتفع، وهي أن أشد الناس فقرا وتدينا هم أكثرهم توالدا وإنجابا، فحين يجتمع هذان العاملان نصبح أمام “جهل مقدس” تتجلى مظاهره في هذا الإيمان بالزواج المبكر ودون تخطيط أو عقلنة، لأن الذي يتمتع بهذا الجهل المقدس يؤمن أن الأرزاق بيد الله، فيأتي بأولاد فوق حجم طاقته ودخله، فيعيش حياة بئيسة حين يصطدم بالواقع بعيدا عن كل معتقد فاسد أو ميتافيزيقا خادعة.
لهذا حين نرى هذا الواقع متجليا في معاناة عمال النظافة ما بين أجر زهيد وحياة زوجية معقدة ومشحونة بالتوتر، ولجوء اضطراري لهذا العامل إلى سؤال الناس، فاعلم أن الخلل في المنظومة الفكرية والقيمية، وفي التمثلات المجتمعية، دون نسيان مسؤولية الدولة في إيلاء هذه الفئة العمالية القيمة الاعتبارية من حيث مراجعة الأجور حفظا لكرامتها.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=14503