ألْحَقيقةُ المَحْسوسةُ والحقيقَةُ الْمُجَرَّدَةُ

زعيم الخيرالله
2021-12-10T09:59:54+01:00
آراء ومواقف
زعيم الخيرالله10 ديسمبر 2021آخر تحديث : الجمعة 10 ديسمبر 2021 - 9:59 صباحًا
ألْحَقيقةُ المَحْسوسةُ والحقيقَةُ الْمُجَرَّدَةُ

زعيم الخيرالله
الحَقيقَةُ المَحسوسةُ هي الحقيقةُ التي نحس بها ونلمسها ونثبتها بتجارب المختبر.

وهذا النوع من الحقائق يؤمنُ بها كلُّ الناس ، مؤمنهم وملحدهم ؛ لانها حقائق ماثلةٌ للعيان ، نشاهدها كل لحظة.

وهذا الايمانُ بتلك الحقائق المحسوسة المشاهدة لاميزة له، بل هو ادنى درجات الادراك؛ اذ تشترك معنا فيه حتى البهائم. المشكلة في الايمان بالحقيقة المجردة، هذه هي التي يمتاز فيها المؤمنون عن الملاحدة الذين لايؤمنون الا بما تراهُ اعينُهُم وحواسُهُم.

ومثال الحقيقة المحسوسة التي لايختلف عليها اثنان هي: قولُنا “النارُ مُحرِقَةٌ” هذه حقيقة محسوسةٌ ؛ اذ يمكننا الاقتراب من النار ونحس بحرارتها ومن يدخل يده في النار يحترق. هذه الحقيقةُ المَحْسوسّةُ كل الناس يؤمنُ بها ، بل حتى البهائم تدرك حرارة النار وتحس بها ؛ لانها ملموسة ومحسوسة ومشاهدة.

المشكلةُ تكمن في الحقيقة المجردة ، هنا يكون الاختبار لعقلِ الانسانِ وقدراتهُ وملكاته الاخرى ؛ اذ ان مصادرَ المعرفةِ ليست مقصورةً على الحسِ والمشاهدة والتجربة ، فالعقلُ مصدرٌ من مصادرِ المعرفةِ ، والقلبُ مصدرٌ اخر من مصادرِ المعرفة ، وكذلك الوحي.

الحقيقة المجردة كوجود الله، فالله تعالى لايمكن ادراكُهُ بحواسنا ومشاهداتنا وتجاربنا ؛ لانه حقيقةٌ مُجَرّدَةٌ . هذه الحقيقةُ وقعَ فيها الاختلاف فهناك من آمنَ وهناك من جحدَ ؛ لانها حقيقةٌ متعاليةٌ تتجاوز ادراكاتنا الحسيّة وتجاربنا المخبرية .

البعض لأُنسِهِ بالحقائقِ المحسوسةِ ينكرُ ان يكونَ هناك حقائقُ وراءَ الحس والتجربة وبالتالي ينكر عالم الغيب الذي هو الاساس في كل ديانة.

والماديون ايضاً يؤمنون بالغيب ايضاً، فالقول بأزلية المادة هو رجمً بالغيب؛ لأنهم لم يشهدوا تشكل المادة وتخلقها فقالوا بأزليتها وأنها لابدايةَ لها. السموات والارض مخلوقتان فالقول بأزليتهما قولٌ بالغيب؛ لأنهم لم يشهدوا خلق السموات والارض وبالتالي فسيكون قولهم بالازليّة رجماً بالغيب، يقول الله تعالى: ( مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُدًا). الكهف: الاية: 51. القولُ بأنَّ الكونَ حادثٌ ولهُ بدايَةٌ وبانَّ لهُ خالقاً هو من الغيب الواعي، اما القول بأزلية المادة فهو من رجم الغيب، والغيب اللاواعي الذي يتبناه الماديُّونَ.

المؤمنُ أوسع ادراكاً وأرحبُ اُفُقاً بإيمانه بالغيب من الملحدِ الذي يؤمنُ بالمحسوسِ هو في أدنى مراتب الادراك ، فالدابة تدرك المحسوسَ ولاتدركُ مافوقهُ ؛ فاذا قدمت اليها علفاً وشاهدته امام عينيها أكَلَتهُ واذا وضعته خلفها لم تدركه ؛ لان هذا هو مستوى إدراكها.

أيريدُ منّا الماديونَ أَنْ نكون في أدنى مراتب الإدراك ومستوياته؟ وحتى في اللغة الانكليزية هناك فرقٌ بينَ “fact” الحقيقة المحسوسة التي نراها ونحسها وبين”Truth” الحقيقة المجردة التي تتجاوز حواسنا ومشاهداتنا وتجاربنا المختبرية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.