أفغانستان.. سقوط الامبراطوريات

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس1 سبتمبر 2022آخر تحديث : الخميس 1 سبتمبر 2022 - 12:18 مساءً
أفغانستان.. سقوط الامبراطوريات

احمد جاويد/کابل ـــ أفغانستان
تحتفل أفغانستان يوم التاسع من شهر سنبلة الموافق للحادي والثلاثين من شهر أغسطس (غشت) بذکرى فريدة من نوعها وهي انتصارها على الامبراطورية الأمريکية وحلفائها الذين يعد تسعة منهم امبراطوريات تاريخية محترفة. هذا وقد اعتبر هذا اليوم يوم عطلة لما يحمله من أسمى معاني التضحية والجهاد في سبيل الله لتحرير الوطن من أيدي المحتلين.

وقد أقامت الإمارة استعراضات لقواتها المسلحة، وعقدت جلسات في مختلف أنحاء البلاد حضرتها الجماهير الشعبية ومختلف الشخصيات البارزة في الإمارة والعلماء ووجهاء الأقوام، بدأت بتلاوة آيات من الذکر الحکيم يليها قراءة أناشيد إسلامية مبکية، وخطابات تٶکد هذا النصر على أعتى قوة عسکرية في العالم، جاءت لتعيث في أرض أفغانستان شرا وفسادا، جاءت بجبروتها وکبريائها، کما جاء فرعون موسى، لتدمر الحياة وتهلک الحرث والنسل، فأصابها الله بالهزيمة والتراجع و الخذلان.

من بين الذين ساهموا بإلقاء خطابهم أمام الحضور القائد “قلب الدين حکمتيار”، أمير الحزب الإسلامي الذي تعتبر خطاباته دوما هادفة، قال: “هذا اليوم هو يوم النصر على الغزاة الأمريکان. ويجب علينا أن نحتفل کل عام بهذا اليوم حتى يکون قدوة مستنيرة لأجيالنا القادمة وعبرة للأعداء، أنه ما من عدو حاول غزو أفغانستان إلا طرد منها ذليلا خائبا ومنکسرا. هذا اليوم يعتبره مسلمو أفغانستان نهاية للاحتلال الدموي ويوم الاستنارة والنصر العظيم بعد جهاد تاريخي. البعض حزين لأنهم يعتبرونه نهاية للنظام الجمهوري. أما أهل الايمان العاشقين للحرية فيحترمون هذا اليوم ويحتفلون به أيما احتفال. أما المنافقون و العملاء فيعتبرونه يوما مظلما. ان الذي قدم في صف الغزاة المحتلين ورجع خائبا في صفهم هذا يبدو له هذا اليوم کليلة مظلمة ولا زال يطمع في عودة المحتلين مرة أخرى ليمکنوه بالقوة من التربع على کرسي الحکم”. هذا وقد أکد حکمتيار على التضاد والبون الشاسع بين الاحتلال وبين فکرة الجمهورية.

عشرون عاما من التجبر والقتل العشوائي والتعذيب والإذلال لهذا الشعب بکل ما لا يخطر ببال، والانتقام البشع بکل لون، والسخرية المفرطة المقصودة بالمسلمين وبأي شيء يمت الى الاسلام بصلة حتى يکون التأثير أبلغ على فطرة المسلمين.

أما عن القصف، فإن أمريکا لا تقصف إلا المکان الذي يوافق مزاجها ولا تبالي ولا تعتقد بشيء اسمه قوانين ورحمة، بل لا تستحيي إن کانت في قصفها أصابت شيوخا ونساء وأطفالا رضع، بل لا فرق بين ذلک البتة، الشيء الذي أدى بالرئيس السابق لأفغانستان “حامد کرزي” لأن يجن جنونه، حتى ذرفت عيناه بالبکاء، ولقد أدرک بدوره مخطط المحتلين في نهاية حکمه لکن هيهات ثم هيهات، لقد أدرک أن أمريکا تريد أفغانستان لا قاعدة “أسامة بن لادن”، تريد إنشاء قواعد عسکرية دائمة مثلما حدث مع ألمانيا النازية.

لذلک کانت تعتقل من تريد وتجري التحقيقات أينما تريد وتصدر أي حکم متى تريد، حتى الطرق ضيقتها بالحواجز الأمنية لكي تبطأ وتعرقل حرکة السير في البلاد. ثم انک لو التقيت ببعض من کان في معتقلاتها وسألته فستتأثر بصمته الذي يريد من ورائه نسيان الماضي، ولو قص عليک، فستتعلم درسا لن تنساه أبدا عن حقوق الانسان. السجين في عذاب والمهاجر في محنة وحيرة من أمره أين سيهاجر، وإلى أين المأوى.

إنها حرب فوق طاقة البشر، حرب من ورائها الشيطان “يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا “، ” لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة “. هذه المأساة التي خرج الشعب من مرحلتها الأولى، مرحلة لقاء العدو، قد انتهت بسلام، ولکن بقيت مرحلة القتال وراء الجدران والتي سيهدمها الرحمن. أما لهذا الشعب الحق الکامل لإعلان فرحته ويحتفل بکفاحه وبصبره الجبار؟ ألا لکل شعب الحق في تقرير مصيره؟ اذا ما مشکلة أمريکا و مواطنيها؟

إنها الهزيمة والحسرة بعد الغفلة. ألم ينصحکم أحد الجنرالات الروس إبان أول هجوم. إنها غلطة ولکن هل سيتعلم منها ويتعظ بها ذلک البطل الذي يکره الهزيمة؟

لقد آن الأوان لأمريکا وشعبها أن يقرٶوا عن العقيدة والتاريخ الإسلاميين بدقة بالغة هذه المرة حتى يفهموا عن المسلمين، ويضعوا حدا لهذا العداء الموروث؟

خلال الفترة الزمنية بين الاحتفالين بهزيمة الامبراطوريات هاجمت الأمطار الموسمية وبعنف أفغانستان وباکستان وفي غضون أسبوع واحد فقط، استطاعت هذه الأمطار الثقيلة البعيدة المدى أن تحکم قبضتها على البلدين، فدمرت وأحدثت رعبا الله به عليم. حتى المناطق التي کتب لها النجاة بات أهاليها في هلع. إن الأمطار جاءت لتعلم الأفغان التواضع للرب وتعلم أمريکا درسا لن تنساه. (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.