دين بريس ـ متابعة سعيد الزياني
يبدو أن الخطاب داخل الجالية اليهودية البريطانية يعرف تحولا ملحوظا في التعاطي مع التطورات الميدانية في قطاع غزة، في ظل تصاعد حدة الأزمة الإنسانية واستمرار العمليات العسكرية.
وقد تفاعلت مؤسسات وشخصيات دينية يهودية بارزة مع هذا الوضع من خلال تصريحات ورسائل علنية، عبّرت فيها عن قلق بالغ تجاه معاناة المدنيين، ودعت إلى تحركات عملية لإنهاء الأزمة وتخفيف آثارها.
وأعلن مجلس نواب اليهود البريطانيين عن عقد اجتماع طارئ مساء أمس، لبحث سبل الاستجابة لمشاهد “المعاناة واليأس” التي يشهدها القطاع، بحسب تعبير رئيس المجلس، فيل روزنبرغ.
وأفادت صحيفة “ذا جيويش كرونيكل” أن الرسالة الداخلية التي وجهها روزنبرغ إلى أعضاء المجلس أثارت ردودا واسعة، حيث دعا عدد من النواب إلى إصدار نداء صريح يطالب بوقف المعاناة الإنسانية ويحث الحكومة الإسرائيلية على اتخاذ خطوات ملموسة في هذا الاتجاه.
وفي سياق موازٍ، قالت ماري فان دير زيل، الرئيسة السابقة للمجلس، في مقال نشرته صحيفة “جيويش نيوز”، إن حجم المعاناة في غزة يتعارض مع “القيم الأساسية التي نشأت عليها التقاليد اليهودية”، معتبرة أن الوقت قد حان لـ”رفع الصوت من أجل ضمان وصول أوسع وأسرع للمساعدات الإنسانية”.
من جهته، عبّر التيار التقدمي في الديانة اليهودية عن موقف مشابه، حيث أصدر قادته، الحاخامان شارلي باجينسكي وجوش ليفي، رسالة مفتوحة أكدوا فيها أن ما يجري في غزة “لا يمثلنا ولا يتماشى مع اليهودية التي نعيشها ونعلّمها”.
وفي موقف مماثل، وقّع الحاخام جوناثان ويتنبرغ، زعيم حركة “ماسورتي” الدينية، على رسالة جماعية تندد باستخدام “الجوع كسلاح في النزاع”، في إشارة إلى تدهور الأوضاع المعيشية في القطاع وانعدام الوصول الكافي للإمدادات الإنسانية.
وعلى الجانب الآخر، قال كبير حاخامات بريطانيا، السير إفرايم ميرفيس، في منشور له على منصات التواصل، إن “مشاهد المعاناة في غزة تثير مشاعر إنسانية لا يمكن إنكارها”، داعيا إلى الإفراج عن الرهائن وتمكين إيصال المساعدات، وحث على دعم المبادرات الإغاثية مثل برنامج “وورلد جويش ريليف” العامل في الميدان.
تأتي هذه المواقف في وقت يتصاعد فيه الجدل داخل الأوساط اليهودية في بريطانيا بشأن حدود المسؤولية الأخلاقية والتعبير العلني عن المواقف، في ظل التوازن الحساس بين الالتزام بقيم العدالة والرحمة من جهة، ودعم أمن إسرائيل من جهة أخرى.
وبينما يختلف الخطاب بين التيارات الدينية والسياسية داخل الجالية، إلا أن القاسم المشترك يبقى الدعوة إلى تحرك عاجل لتخفيف المعاناة الإنسانية في غزة وفتح أفق لحل سلمي يضع حدا للتصعيد المستمر.