أزمور تراهن على السياحة كرافعة تنموية قوية
تحرير: أحمد الجابري
دأبت مجموعة من المرشدين السياحيين المعتمدين على تنظيم رحلات ديداكتيكية لفائدة مهنيي هذا القطاع قصد إثراء معارفهم و تحيينها وتبادل آرائهم وصقل مهاراتهم التواصلية واستكشاف ونفض الغبار عن المواقع والمناطق السياحية غير التقليدية أو غير المعروفة التي لا تدخل في خانة برامج التسويق السياحي الكلاسيكي سواء من لدن وزارة السياحة أو وكالات الأسفار. هذه الأخيرة تكتفي، كما لا يخفى على مهنيي القطاع السياحي، بالترويج لمدن ومناطق معينة ومحدودة من قبيل المدن الإمبراطورية وبعض المدن الساحلية وجزء من الجنوب الشرقي نقلا عن بعضها البعض منذ ستينيات القرن الماضي مع خلق أول وزارة للسياحة عام 1965 وانطلاق النشاط السياحي بشكل ممنهج و معاصر، علما أن المغرب يزخر -بفضل موقعه الاستراتيجي وتاريخه الضارب في القدم وتنوع ثقافته وتضاريسه- بالعديد من المدن والمناطق التي تتوفر على مؤهلات ضخمة ستساهم لا محالة في تنويع وإغناء العرض السياحي بما يتماشى مع متطلبات الأسواق المُصْدِرة وبالتالي استقطاب المزيد من السياح والانفتاح على أسواق جديدة مما سيحقق ديناميكية اقتصادية واجتماعية من شأنها تشكيل رافعة للتنمية بتلك المدن والمناطق التي تعاني حاليا الأمرّين من التهميش والارتفاع المستمر في نسبة البطالة والفقر.

في هذا الإطار، ووعيا منها بضرورة الانخراط الفعلي للمرشد السياحي في عملية الترويج والتعريف بالمناطق المهمشة التي قد تشكل ما يصطلح على تسميته ب “المنتوج المتخصص” وتشكيل قوة اقتراحية تساهم في بلورة استراتيجيات فعالة ومبتكرة للنهوض بالقطاع السياحي كقاطرة للتنمية وتحقيق العدالة المجالية التي دعا إليها عاهل البلاد محمد السادس نصره الله وأيده، شدت مجموعة متكونة مما يقارب خمسين مرشدا سياحيا معتمدا مرفوقِين بأستاذين باحثين في التاريخ والجغرافية الأنثروبولوجية الرحال من مراكش إلى أزمور يوم الأربعاء 3 دجنبر 2025 عقب زيارة تفقدية و تشاورية قامت بها اللجنة المنظمة في نونبر للتنسيق مع فعاليات المجتمع المدني خاصة “رابطة جمعيات المجتمع المدني بأزمور والنواحي” و”جمعية دكالة” وبعض المستثمرين في دور الضيافة وأساتذة و مختصين في مجالات مختلفة وحرفيي دار الصانع لضمان نجاح هذا النشاط الثقافي و التواصلي. هذه التظاهرة التي تعد الأولى من نوعها في أزمور حسب تصريح المنظمين والتي نُظِّمت تحت شعار “أزمور تثمين المؤهلات السياحية : مدخل للعدالة المجالية” مكنت الزوار على وجه الخصوص من اكتشاف المعطيات والمؤهلات الهائلة التي تكتنزها هذه المدينة العريقة التي نالت منذ الأزمنة الغابرة من المجد ما أكسبها شهرة واسعة والتي تعاني الآن مع الأسف الشديد في صمت رهيب من غدر الزمان والإنسان، في حين أنها تستحق التفاتة ترفعها إلى مصاف مثيلاتها من المدن الساحلية المغربية التي تحظى بشهرة عالمية وتعرف رواجا سياحيا كبيرا كالصويرة والرباط وأصيلة على سبيل المثال. الزيارة شكلت أيضا مناسبة للوقوف عن كثب على بعض المشاكل الهيكلية والتنظيمية التي قد تعيق تحقيق الإقلاع السياحي والتي تستدعي تظافر جهود كل من السلطات المحلية والمجلس الجماعي و المديريتين الجهويتين لوزارتي السياحة والثقافة وكذا فعاليات المجتمع المدني لإيجاد حلول ناجعة لها وتحفيز وكالات الأسفار على إدراج أزمور في برامج جولاتها ورحلاتها كمدينة سياحية ذات طابع تاريخي وثقافي وتراثي وفني متميز.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح كلما تعلق الأمر بإعداد وتنزيل المخططات التنموية هو ما مدى استعداد كل الجهات المعنية السالفة الذكر، أولا لإحداث “فريق بحث” يعمل على بلورة خارطة طريق للنهوض بالقطاع السياحي في أزمور مع الحرص على ترميم كل المباني التاريخية وإعادة تأهيل الأزقة و الدور الآيلة للسقوط داخل أسوار المدينة القديمة، ثانيا خلق بيئة مناسبة لاستقبال السياح من فنادق ومطاعم ومرافق صحية وفضاءات ترفيهية، ثالثا استقطاب المستثمرين -مغاربة وأجانب- وتمكينهم من الاستفادة من امتيازات و عروض تفضيلية، ورابعا التركيز على العنصر البشري كمكون أساسي في تركيبة أي مشروع كيفما كانت طبيعته؟ أم هل ستبقى دار لقمان على حالها لتصير انتفاضة المجتمع المدني الأزموري مجرد صرخة في واد سحيق؟ ثم ألم يأن الأوان ليستفيق المسؤولون من سباتهم السرمدي و يبرهنوا على استعدادهم للنهوض بمدينة أزمور تماشيا مع رؤية صاحب الجلالة الرامية إلى تحقيق العدالة المجالية وتكافؤ الفرص بين رعاياه؟
التعليقات