عبد السلام أجرير
شعبة الدراسات الإسلامية بالمغرب لا تشكو من قلة الأساتذة المتمكنين، فهم بقدر كاف ولله الحمد، ولا تشكو من طلبة نجباء مجتهدين، فعددهم كاف لإنتاج باحثين مقتدرين… وإنما الإشكال الحقيقي يكمن في النظام العام للتدريس الذي أطر تصور هذه الشعبة:
لا يمكن أن يتخصص الطالب الحاصل على باكالوريا علوم أو آداب عامة لمدة 3 سنوات بالجامعة وحسب، فيدرس -غالبا- مجرد ‘مداخيل للعلوم الشرعية’، وبعدها ننتظر منه أن يكون باحثا ماهرا في الدراسات الإسلامية، وأستاذا متمكنا لتدريس التربية الإسلامية!
نظلم الطلبة، ونُثقل كاهل الأساتذة، عندما نقذف بهم في دوامة هذه الدراسات العرجاء: فالطالب يكاد يكون مبتدئا في أساسيات العلوم الشرعية عندما يصعد للجامعة، والأستاذ مضطر للتيسير والتسهيل والتبسيط إلى أقصى الحدود، فيتيه الأول في دراسات جديدة عليه لم يحكم أساسياتها، ويضيع جهد الثاني بسبب مقصد التفيهم والتبيسط…
المسألة إذن تقتضي – بعيدا عن تهمة تحميل المسؤولية لطرف دون آخر – (تقتضي) إعادة النظر في مسار ‘شعبة الدراسات الإسلامية’ و’الدراسات الشرعية’ عموما، وإعادة النظر في تركيبتها وتصورها الذي وضعت عليه.
وأهم ما ينبغي فعله، لا بد من توجيه التلاميذ في المرحلة الإعدادية للتخصص في هذه الشعب، حتى يكملوا تخصصهم في الدراسات الجامعية العليا في نفس المسار، تماما كشأن التعليم العتيق عندما يلج أهله جامعة القرويين للحصول على إجازة ‘العالِمية’… وكما هو الأمر في شعبة الرياضيات، التي لا يمكن للتلميذ غير المتخصص في الرياضيات أن يلجها بالجامعة…
لن نحتاج لكثير من الجهود، فقط إعادة تنظيم وترتيب، يمكن أن نجعل شعبة الدراسات الإسلامية حكرا على طلبة التعليم العتيق وطلبة التعليم الأصيل، (مع ضرورة إعداة هيكلة التعليم الأصيل الذي أفرغ من جوهره ومحتواه القيّم الأصيل). وهكذا، فمن أراد التخصص في الدراسات الإسلامية يتبع المسار منذ البداية: إما التعليم العتيق أو التعليم الأصيل، ومن أراد الشعب الأخرى يتخصص فيها أيضا منذ البداية…
إذا وقع التخصص في العلوم الشرعية في مرحلة الدراسات الأساسية (بداية من المرحلة الإعدادية)، ثم عُمّق هذا التخصص في الدراسات العليا بالجامعة، (مع هذه الأطر الجيدة التي نتوفر عليها، ومع صرامة الجامعة المغربية في التعليم، ومع وفرة التلاميذ وكثرة الطلبة)، فإننا لن نحصل على طلبة باحثين مقتدرين وحسب، بل سنحصل على ‘علماء’ عندما يتخرجون من سلك الدكتوراه.
فهل من إعادة اعتبار؟ {فاعتبروا يا أولي الابصار} !
المصدر : https://dinpresse.net/?p=12225