نواف القديمي. كاتب سعودي يقيم في تركيا
كان متوسط أعداد الحجاج السنوي بين عامي 1910 و1920 – كما ورد في بعض الوثائق البريطانية – يقارب ال 30 ألف حاج.. وفي عام 1964 وصل عدد الحجاج إلى رقم غير مسبوق وهو 128 ألف حاج.. حالياً، يصل عدد الحجاج السنوي أحياناً إلى ثلاثة ملايين.. نحن تقريباً أمام مئة ضعف في مئة عام.
كقارئ لتاريخ مكة والحجاز، كنتُ أقول أن من رحمة الله بالحرمين الشريفين وبالحجيج أن أصبح الحجاز ضمن دولة نفطية، وإلا لو كان مستقلاً أو ضمن حدود دولة محدودة الموارد لعاشت مكة والمدينة في ضنك شديد بسبب الازدياد الهائل في أعداد الحجاج والمعتمرين، ومحدودية الموارد. عندها ستكون تلك الدولة مجبورة على أخذ ضرائب عالية من الحجاج والمعتمرين لتغطية النفقات، ولكان حجم الحرمين محدوداً والمرافق والإمكانات ضعيفة.
في كتاب “مكة المدينة المقدسة” لضياء الدين سردار – وهو بالمناسبة ناقدٌ لنمط العمران والتوسع الذي جرى للحرمين ومحيطهما – روى كيف كانت إمارة مكة وما حولها في محطاتٍ كثيرة في تاريخها – رغم قلة أعداد الحجيج مقارنة بالعصر الحديث – قائمة على الفقر الشديد، واستغلال الحجاج، ونهب القوافل، لأنها كانت منطقة بلا موارد.
من حق أي أحد أن يختلف مع سياسات وقرارات الحكومة السعودية وغيرها، لكن من المهم: ألا تزوّر، ولا تعبث بالحقائق والأرقام.. أما الحقائق فتقول: الحكومة السعودية لا تأخذ قرشاً على أي حاج أو مُعتمر، والفائدة الاقتصادية من قدوم المعتمرين والحجاج تكمن في تحريك اقتصاد مكة وجدة والمدينة، ابتداءً برحلات الطيران ومروراً بحجوزات الفنادق والأكل والشرب والهدايا وسواهم.
في المقابل فإن “تكلفة” ما يتم دفعه في خدمات الحج والأمن واللوجستك والمرافق الصحية والتوسعات الكبيرة للحرمين ومحيطهما يفوق بأضعاف ما يدخل من الحج للاقتصاد المحلي.. توسعة الحرم المكي مثلاً كلفت الاقتصاد السعودي قرابة ال 53 مليار دولار، وإذا أضيفت لها تكاليف تملك العقارات وتطوير البنية التحتية للمنطقة المحيطة، فتصل التكلفة إلى 100 مليار دولار.
قبل التوسعة الأخيرة كان مبنى الحرم المكي يتسع ل 670.000 مصلي، وأصبح بعد التوسعة الأخيرة يتسع ل 1.800.000 مصلي.. أما التكاليف العالية التي يدفعها بعض الحجاج في بعض الدول فتعود إلى ضرائب تفرضها تلك الدول، وتكاليف شركات الحج والسياحة، وتذاكر الطيران والفنادق والتنقل والطعام وسواها، إضافة لنوعية الخدمات التي يختارها ذلك الحاج ومدى جودتها.
رابط صفحة الكاتب على فيسبوك: https://www.facebook.com/nwaf.alqdymy