محمد الأمين سوادغو
اللافت للنظر في الحكومة الجديدة التي شُكّلت في هذا اليوم الموافق 11 يونيو 2021م في مالي، بقيادة الدكتور شوغيلا ميغا تعيين الامام الشّاب النشط عمر جارا لمنصب وزير المنتدب Ministre délégue ، حيث لم يتعود الناس في غرب أفريقيا سماع تعيين إمام شاب لم يصل 40عاماً بعدُ لمنصب وزير.
الامام عمر جارا شابٌ نشطٌ اختار أن يشارك في محاربة الفساد السّياسي والإداري والقانوني والدستوري في بلده مالي؛ فوقف إلى جانب الشعب المالي بقيادة الإمام محمود ديكو لمحاربة الفساد بشجاعةٍ، فكوّن تجمعاً شبابياً تحت سم “الحركة الوطنية من أجل العدالة” ولهم حسابات على الوتساب تحت اسم “platforme”.
وهو أحدُ نُشطاء حراك M5 حراك يونيو/حزيران 2020م الذي أطاح بالرئيس المالي ابراهيم أبوبكر كيتا في 18 آب/أغسطس 2020م بعد تدخل الجيش بقيادة هاشمي غويتا.
عُيّن الإمام جارا لمنصب وزير المُنتدب للشؤون الاجتماعية والعمل الإنساني والتضامن واللاجئين والمهجرين في وزارة الصّحة، وهو منصب يستحقه ويُناسبه.
الامام جارا خريج كلية الآداب والعلوم الانسانية قسم الجغرافيا (فيلاش) سابقاً، جامعة بماكو. Faculté des Langues Arts et Sciences Humaines (FLASH)
درس العلوم الإسلاميّة في الكتاتيب والمجالس العِلمية في مالي، وكان ضمن الدّفعة الأولى التي إلتحقتْ بمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات 2015م في المغرب، تخرج فيها بعد أن قضى 2 سنتان في التكوين.
كانوا قد عيّنوه ليكون عضواً برلمانيا في مجلس الانتقالي المالي بعد انقلاب2020 مباشرة بقيادة باه اندو الذي أقيل في الانقلاب الآخير 2021 قبل أسابيع من الآن فرفض، مما يعني أن الشاب طموح.
الامام جارا نموذج يحتدى به في الاجتهاد والتضحية والتحدي؛ البعض يَسأل الآن في مالي وخارجها ويَستغربون، كيف لامام شاب يكون وزيرا منتدبا للشؤون الاجتماعية داخل وزارة الصّحة؟! وذهب البعض إلى أن المنصب لا يُناسبه ولا يستحقه، فتعحبتُ منهم كثيرا.
لكن قلتُ في نفسي كيف لايفكّرون هكذا وقد تعودوا في رؤية الأئمة وهم مساكين يتسولون عند الوزراء والرؤساء يتعاركون ويسحرون بعضهم بعضا على إمامة المساجد وأموال الصدقات.
لا يعرفون أنه يجوز للإمام أن يرأس دولة اذا توفرت فيه شروط التأهيل والقيادة، ولا يعلمون أيضا أن رؤساء أفريقيا الذين نراهم اليوم ليسوا بأفضل من بعض الأئمة في شيء.
النظر إلى الأئمة والدعاة نظرة دونية ثقافة يجب أن تحارب، وهي الثقافة التي شوشت على عقول الدعاة والأئمة في أفريقيا؛ فتركوا السلطة للذين لا يستحقون، فسرقوا ونهبوا وسنوا قوانينا في بلداننا ضد مصالح الشعوب والعدالة الاجتماعية وضد الإسلام والمسلمين.
لقد قبل الأئمة والدعاة السلطة في أفريقيا لخريجي فرنسا مع الأسف الشديد ليسرقون ملياراتنا مقابل فُتَات يقدمونها لهم ويرضون بذلك مقابل الصمت والسكوت؛ ثم يصرخون في مساجدهم ومجالسهم ويلعنوهم، كيف يستجيب الله لدعواتكم عليهم؟!
قلتُ ذات مرّة لشخصٍ، لمَ لا يعيّن الشعب المالي الامام المبارك محمود ديكو رئيسا لجمهورية مالي؟ فردّ علي مستغرباً قائلاً أنه إمام وبالتّالي عجوز شَابَ رأسه، فقلتُ له هل تعلم أنّ عُمْرَ الطيب أردوغان رئيس تركيا المتطوّرة العِملاقة الصاعدة؛ الرئيس الشجاع الخبير نفس عمر الامام ديكو؟ فقال؛ لا! فقلتُ: نعم؛ يَحمِيلان نفس العمر 67 عاماً، هما من مواليد عام 1954م، فسكتَ.
باتت مشاركة الأئمة والدعاة في صناعة القرار في أفريقيا ضرورة ملحّة؛ لأنها أحد الحلول الناجعة للتغيير في أفريقيا، بعد أن ذاقت أفريقيا ولاتزال ويلات معظم خريجي أوروبا وخاصّة فرنسا الذين ركعوا أفريقيا لفرنسا ونهبوها لها؛ وطعنوا الإسلام والمسلمين وراء ظهروهم، رحم الله القائد نجم الدين أربكان حين قال ” المسلمون الذين لا يهتمون بالسّياسة، يحكمهم سياسيون لا يهتمون بالاسلام”.
نبارك الامام على هذا التعيين وفقه الله فيه …
ــــــــــــ
المصدر: موقع الكاتب على الفيسبوك
Source : https://dinpresse.net/?p=14840