يوم دراسي علمي بكلية الآداب سايس–فاس يرسخ التحول المعرفي في التقييم العصبي-النفسي ويدعم تجويد التكوين الجامعي
تحرير: دين بريس
شهد مدرج المختار السوسي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس–فاس أمس الأربعاء يوما دراسيا علميا متميزا نظمته شعبة علم النفس بشراكة مع مختبر علم النفس التطبيقي، الفلسفة واللغات، ومرصد التعلم مدى الحياة (كرسي اليونسكو)، وذلك في إطار البرنامج العلمي الموجه لطلبة سلك الدكتوراه، وفي سياق العناية المتواصلة التي توليها الجامعة لدعم البحث العلمي وتعزيز جودة التكوين من خلال تنظيم لقاءات وأيام دراسية تترجِم المعرفة النظرية إلى ممارسات بحثية وتطبيقية على أرض الواقع.
تمحور اللقاء حول موضوع «بين الدماغ الموضعي والإدراك الشبكي: إعادة النظر في التقييم النفسي العصبي»، حيث قدم البروفيسور هشام خباش، المتصدر للتصنيف الوطني لـ AD Scientific Index 2025، درسا افتتاحيا أبرز فيه المنعطف العلمي الذي يشهده علم النفس العصبي مع الانتقال من نماذج التفسير القائمة على خرائط دماغية ثابتة إلى مقاربة أكثر ديناميكية تعنى بفهم شبكات الدماغ المترابطة. هذا التحول، كما أوضح، يفتح آفاقا جديدة في قياس العمليات المعرفية وتشخيص الاضطرابات العصبية، ويسهم في تطوير أدوات اشتغال الباحثين والممارسين على حد سواء.
وتواصلت فعاليات اليوم العلمي بسلسلة من العروض المتخصصة؛ قدم الدكتور إدريس آيت علي مداخلة منهجية حول أسس إعداد المقالة العلمية المصنفة، مسلطا الضوء على أهمية الدقة الأكاديمية واحترام المعايير الدولية للنشر، وداعيا الطلبة إلى تبني ممارسات بحثية صارمة تعزز حضور الجامعة في الإنتاج العلمي العالمي،كما تناولت الدكتورة فرح الهواري موضوع تبيئة المقاييس والبطاريات النفسية داخل السياق المغربي، مبرزة ضرورة مراعاة الخصوصيات الثقافية والاجتماعية لتحقيق تشخيص علمي موثوق. وقدم الدكتور عبد الحليم الشرقي عرضا حول تكييف المقاييس النيورونفسية وفق المنظور الوطني، مع تفصيل مراحل الملاءمة والتحديات العلمية التي تستلزم وعيا نظريا ومهارات تطبيقية دقيقة.
وشكل الجانب التطبيقي محطة أساسية في هذا الحدث، حيث احتضنت القاعة ورشات عملية أتاحت للطلبة الاطلاع عن قرب على آليات العمل بالمقاييس المعتمدة في التقييم العصبي-النفسي، إضافة إلى عرض متخصص حول بطارية WISC الخاصة بتقييم ذكاء الأطفال، مع الإشارة إلى إدماج بطاريات عالمية مثل NEPSY-2 وKABC-2 داخل منظومة التقييم، وقد ساهم هذا الجانب العملي في نقل الخبرات إلى الطلبة وتمكينهم من ربط التكوين الأكاديمي بالممارسة الميدانية.
وحظي هذا اليوم الدراسي بحضور وازن من الأساتذة الجامعيين والباحثين ، إلى جانب مشاركة مكثفة لطلبة علم النفس والفلسفة بسلكي الإجازة والدكتوراه، الذين أبدوا تفاعلا كبيرا مع مختلف العروض، ويعكس هذا التفاعل الوعي المتزايد بأهمية تكامل التكوين النظري والتطبيقي، وتعزيز المهارات المهنية التي يحتاجها سوق العمل والمجتمع المغربي في مجال التقييم النفسي العصبي.
ويعد هذا الموعد العلمي تجسيدا لالتزام الكلية بتطوير البحث الجامعي والارتقاء بجودة التكوين، من خلال فتح فضاءات للنقاش العلمي الراهن، وتشجيع الطلبة على الانخراط في مشاريع بحثية رصينة تعكس روح التجديد العلمي وتواكب المستجدات العالمية، بما يسهم في توطيد مكانة الجامعة كمؤسسة ريادية في مجال العلوم الإنسانية والنفسية.
التعليقات