الصادق العثماني ـ البرازيل
أسئلة أطرحها على بعض المشايخ والأئمة والدعاة في البلاد الغربية، هل إبراز الفرح والسرور بمولد رسول ونبي من اﻷنبياء حرام؟ وهل عيسى عليه السلام هو نبي للنصارى فقط دون المسلمين ؟ وهل المسلم الذي يعلن العداء لعيسى عليه السلام إسلامه صحيح وكامل؟ وهل إذا قدموا لنا النصارى تهنئة بمولد عيسى عليه السلام -ونحن معهم في بلدانهم- هل نرد عليم التهنئة بأحسن منها؟ أو نرد عليهم اللعنات والشتائم والسب والطعن في عقيدتهم؟ وإذا كانت تهنئة النصارى بعيد الميلاد حرام، أليس من المنطق والشرع والدين أن العيش معهم وحمل جنسيتهم والذهاب لمستشفياتهم ووضع اﻷموال في بنوكهم أشد حرمة من التهنئة ؟؟ وعلى اعتبار مذهب المنكرين للتهاني بأعياد النصارى، لماذا الإسلام أباح لنا الزواج منهم وأكل طعامهم والبر والعدل والقسط معهم وعدم ظلمهم وسرقتهم والكذب عليهم ..؟!!
وأنا شخصيا ﻻ أنكر على من يحرم ذلك فهو حر فيما يفعل ولا شأن لي به؛ لكن نكراني لمن يعلن في دروسه وخطبه الحرب والتحريض على النصارى وهو منغمس فيهم حتى النخاع، ثم أمام أي حوار تلفزيوني أو ملتقى حوار اﻷديان تجده يتسابق في أخذ الصور معهم وتمجيدهم، ويختار من الأحاديث الشريفة والآيات البينات المناسبة والعبارات اللطيفة كقوله: دين اﻹسلام دين تعايش وسلام ومحبة ووئام..
كما يستدل بقوله تعالى:”يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ” الى غير ذلك من المجاملات والكلام المعسول!! فهذا الذي ننكره ونمقته ﻷنه ﻻينسجم مع المذهب الذي اعتمده في التعامل مع اليهود والنصارى، ومن هذا الباب نحن نعيب عن أي داعية يعيش بين أظهر النصارى وهو يلعنهم ويحرض المسلمين عليهم بفعل أو قول او عمل أو فتوى؛ ﻷنه يساهم في تشويه صورة الإسلام كما يساهم في إيجاد أرضية خصبة لظهور “الإسلاموفوليا” بالإضافة إلى تنفير الناس من اﻹسلام واﻹقبال عليه، وهذا يتعارض بالكلية مع قول الله تعالى: ” ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن “.
وفي هذا السياق أقول للذين يخلطون الأوراق عمدا في تهنئة النصارى بأعيادهم الدينية ويعتبرون ذلك من باب اقرارهم على أن النبي عيسى عليه السلام هو إبن الله، وهذا القول والاستنتاج هو من كيس من يحرم هذه التهاني وليس من كيس الإسلام، علما ان تهاني اليهود والنصارى في أفراحهم وأعيادهم ومناسباتهم الدينية يدخل ضمن البر والقسط والإحسان مع الناس، يقول تعالى: ” وقولوا للناس حسنا”..فتهنئتهم شيء، والإقرار بمعتقداتهم شيء آخر، ولهذا المسلم عندما يسلم على اليهودي أو النصرانى أو يتعلم على أيديهم أو يتاجر معهم أو يشتغل في شركاتهم أو يتزوج منهم حسب الفهم الضيق لهؤلاء بأنه يعترف ويقر بمعتقداتهم !
وهذا غير صحيح، ولا يقبله عقل ولا شرع ولادين. أما من يستند على فتاوى إبن تيمية بخصوص تهنئة النصارى بأعيادهم وذكرياتهم حيث يقول في (مجموع الفتاوى): ” لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء، مما يختص بأعيادهم، لا من طعام، ولا لباس ولا اغتسال، ولا إيقاد نيران، ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة، وغير ذلك، ولا يحل فعل وليمة ، ولا الإهداء، ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك ، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ، ولا إظهار زينة…”.
فأقول له: نحن لا نعيش في عصر إبن تيمية ف 90% من فتاواه أو أكثر تجاوزها التاريخ ولا تصلح لحياتنا المعاصرة اليوم أبدا؛ بل مضرة بالحياة الاجتماعية المعاصرة وخطيرة على الأمن القومي العربي والإسلامي؛ لأن الفتوى تتغير حسب الزمان والمكان والعرف والعادة والحال والأحوال، لهذا إمامنا الشافي رحمه الله تعالى غير الكثير من فتاواه عندما انتقل إلى مصر حفظها الله من كل سوء وشر ، وفي هذا السياق أكد الفقيه الإمام القرافي المالكي في كتابه “الفروق” في حديثه عن الفرق الثامن والعشرين: “أن القانون الواجب على أهل الفقه والفتوى مراعاته على طوال الأيام، هو: ملاحظة تغير الأعراف والعادات بتغير الزمان والبلدان.
وقال: “فمهما تجدد من العرف اعتبره، ومهما سقط أسقطه، ولا تجمد على المسطور في الكتب طوال عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير إقليمك يستفتيك، لا تجبره على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده، وأجره عليه، وأفته بذلك، دون عرف بلدك، والمقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين، والسلف الماضين”.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=12967