23 سبتمبر 2025 / 12:07

“هاجس التحديث في الأدب”.. دراسة جديدة في نصوص عبد الله العروي

صدر حديثا عن دار خطوط وظلال للنشر والتوزيع بعمان كتاب نقدي للباحث المغربي سفيان البراق بعنوان “هاجس التحديث في الأدب: دراسة في النصوص الأدبية لعبد الله العروي”، من تقديم الناقد المغربي نور الدين صدوق، يقع الكتاب في 142 صفحة من القطع المتوسط، ويضم فصلين اثنين، يشكلان مدخلا لقراءة المشروع الأدبي والفكري لعبد الله العروي من زاوية التحديث.

يسعى البراق، وهو فائز بجائزة قارئ العام بالوطن العربي 2023، إلى إبراز خصوصية العروي الذي جمع بين النقد الإيديولوجي والفلسفي والتحليل الاجتماعي من جهة، وبين التخييل الأدبي من جهة أخرى، فقد كتب روايات وسيرا ويوميات لم تكن منفصلة عن مشروعه الفكري، بل امتدادا له، إذ جسدت القضايا نفسها التي خاض فيها نظريا مثل العتاقة والحداثة، الأنا والآخر، أثر الأمية على التربية، هيمنة الفكر التقليدي، والتعلق بالماضي. وفي هذا السياق تتقاطع رواياته الستة (الغربة، اليتيم، أوراق، الفريق، غيلة، الآفة) مع رباعية خواطر الصباح ومسرحيته رجل الذكرى، لتكشف أن الخيال لم يكن عنده زخرفا بل أداة لفضح الواقع وتعريته.

ويظهر من خلال دراسة البراق أن العروي تعامل مع الرواية لا كجنس أدبي قائم بذاته بل كوسيط فكري يوازي أطروحاته النظرية، مستفيدا من تنوع الأساليب السردية والتقنيات اللغوية في بناء فضاءاته الروائية وشخصياته، وهذا ما يجعل رواياته نموذجا لاقتحام التحديث الأدبي للفضاء المغربي، عبر اللغة والتقنية وعمق التخييل.

ويستوقف الكتاب أيضا المفارقة التي صاحبت مسار العروي، إذ كان يعلن عزوفه عن الفلسفة كما فعل في السنة والإصلاح (2006)، لكنه عاد ليقر في الفلسفة والتاريخ (2017) بأنه نسج مساره على خيطين متوازيين هما الفلسفة والتاريخ، ما يجعل أعماله الفكرية قابلة للتصنيف في الاجتماعيات بقدر ما يمكن إدراجها في الفلسفة، وهو ما يؤكد أن مشروعه يتأسس على جدلية مستمرة بين الفكر والأدب.

ويمتد تحليل البراق ليشمل آخر إنتاجات العروي مثل دفاتر كوفيد (2024)، ليبرهن أن مشروعه الممتد منذ الإيديولوجيا العربية المعاصرة (1967) ظل وفيا لهاجس التحديث، وأن نصوصه الأدبية، رغم اعتمادها على التخييل والترميز، ليست سوى الوجه الآخر لمشروعه النقدي والفلسفي، وبهذا يقدم الكتاب إسهاما نوعيا في قراءة تجربة العروي، مؤكدا أن التحديث ليس مجرد قضية سياسية أو فكرية، بل هو أيضا رهان جمالي وأدبي يتجلى في السرد واللغة بقدر ما يتجلى في الفلسفة والتاريخ والسياسة.