ندوة حول قراءات الأحزاب اليسارية لقضية الصحراء المغربية
رشيد المباركي
في إطار تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة (1975 – 2025)، نظمت مؤسسة علي يعته لقاءً فكريا مساء أول أمس حول موضوع “مغربية الصحراء في أدبيات اليسار الوطني”، استحضارا للدور الوطني والسياسي والفكري الذي اضطلع به اليسار المغربي في الدفاع عن القضية الوطنية الأولى.
وقد شكل هذا اللقاء مناسبة لتقديم الإصدار الجديد للكاتب والباحث محمد الزاوي، تحت نفس العنوان، وقد شارك في قراءة هذا الكتاب الكاتب والباحث منتصر حمادة، بينما قدّم الأستاذ إسماعيل العلوي، رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، مداخلة تناولت القضية الوطنية ومواقف الحزب الثابتة إزاءها، في لقاء أداره الدكتور مصطفى البرايمي، عضو مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، في أجواء فكرية اتسمت بعمق النقاش وغنى المداخلات.
واعتبر مؤلف الكتاب أن ما دفعه كباحث للاشتغال على الموضوع، هو حاجة المغرب والوطن العربي والقضايا المغربية إلى اليسار، وأنه ينبغي على هذا اليسار أن يفكر في ذاته ومكوناته، وجاءت هذه الإشكالية الخاصة في ضوء الإشكالية العامة: أي حاجة الصحراء المغربية إلى اليسار، وذلك لامتلاكه أداة الماركسية كمنهج تحليلي، والمادية التاريخية والمنطق المادي الجدلي، والاقتصاد السياسي النقدي، وهي أدوات رغم امتلاك اليسار لها إلا أن جزءا كبيرا فرط فيها اليوم، مما خلق له مشاكل في التحليل؛ ومنها اليسار الذي يعارض القضية الوطنية ولا يعي أهمية الدفاع عن مغربية الصحراء، مضيفا أته توقف بالنقد عند “اليسار العولمي” الدي لديه مشاكل نظرية، من بينها عدم التمييز بين التاريخ وما قبل التاريخ في النقاش النظري، فمقولة الشعب مقولة تاريخية، ولا يمكن التكلم عن شعب في قبائل ما قبل تأسيس الدولة، ومشكل عدم التمييز بين التناقض الثانوي مع النظام السياسي وجعله رئيسيا، بينما التناقض الرئيسي مع الاستعمار والإمبريالية، والفصل بين النضالين الطبقي والوطني، والانفصال عن التاريخ وتغير العالم.
وبعدها تحدث الباحث منتصر حمادة، الذي قدم عرضا في بعض مضامين الكتاب، ومن ذلك أهدافه، وفي مقدمتها التذكير بالموقف الوطني من قضية الصحراء لدى أغلب النخب الفكرية والسياسية اليسارية بالمغرب، وإبراز الأساس النظري للوعي بقضية الصحراء المغربية، وتنبيه جزء من اليسار المغربي إلى رجعية وعدمية موقفه، ما تسبب له في انحسار جعل منه أقلية، وأخيرا، نقد ما تدعيه “البوليساريو” من مرجعية يسارية في دفاعها الإيديولوجي والسياسي عن أطروحتها الانفصالية.
من جهته، تحدث القيادي مولاي إسماعيل العلوي عن الحدود التاريخية للمغرب جنوبا وشرقا، معتبرا في هذا السياق أن خريطة علال الفاسي كانت على صواب، وتوافقها خرائط أوروبية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ومعها كتابات مؤلفين فرنسيين تركوا دراسات مكتوبة، لضباط يوثقون مناطق الإيالة الشريفة، لكن الحياة في حركية مستمرة ولا يمكن أن نعود إلى الوراء، مذكرا الحضور بأن الرئيس الجزائري المنقلَب عليه أحمد بن بلة “لم يكن مناصرا لتجزيء المغرب، بل كان مع الاجتهاد للدخول في مرحلة الإصلاح وبناء المغرب الكبير، وهو حلم لم يتحقق بعد للأسف”.