ذة. فتحية المومني
مسؤولة ومرشدة دينية بمستشفيات جهة أوكسيطاني بفرنسا.
وسام الاستحقاق جوقة الشرف الفرنسية نظير خدمتها للمرضى في المستشفيات.
تكتسي مهام المرشد أو المرشدة الدينية في المستشفيات أهمية بالغة في حياة العائلات المسلمة، إذ أن دوره يتجلى في زيارة المرضى ومواساتهم والإجابة عن اسئلتهم حول دينهم وممارسة شعائرهم. وهذا الأمر مخول بموجب المادة الثانية من قانون اللائكية 1905 والذي يضمن حرية التعبد في الأماكن المغلقة أو الأماكن المقيدة لحرية الانتقال والتجول كالسجون والمدارس الداخلية والجيش والمستشفيات.
ويشارك المرشد أو المرشدة الدينية في اجتماعات مع أطباء ومختصين للعناية بالمريض والاستجابة لحاجاته من حيث الزيارة والمواساة وقراءة آيات من القرآن الكريم وأدعية نبوية مأثورة في التداوي والاستشفاء.
وقد يلجأ الفريق الطبي إلى المرشد الديني لفهم البيئة الثقافية والدينية لبعض المرضى وكذلك للقيام بدور الترجمة بالنسبة لغير الناطقين بالفرنسية والذين أحيانا يأتون من بلاد عربية.
يشارك المرشد الديني بصفة منتظمة في اجتماعات اللجان الأخلاقية بالمستشفيات لمعالجة القضايا البيوأخلاقية أذكر بعضا منها وهي التبرع بالأعضاء، إسقاط الحمل لأسباب طبية، كيفية المواكبة النفسية والدينية والإنسانية للمرضى والعائلات، كيفية الاستجابة واحترام الحاجيات والالتزامات الدينية للمرضى، كيفية تدبير الأزمات التي قد تنشأ في الأسر المختلطة بسبب الاختلاف في الثقافة او الدين أيضا.
يعين المرشد الديني الوطني مرشدا دينيا على مستوى كل جهة من الجهات الفرنسية وهذا الأخير يعين المرشدين الدينيين في المستشفيات وذلك بتنسيق مع إدارة المستشفى والسلطات المختصة في هذا الشأن سواء كانت هذه السلطات وطنية أو جهوية ومحلية.
يزاول المرشد الديني عدة أنشطة منها:
– حضور الاجتماعات الرسمية المحلية أو الوطنية و المتعلقة بالشأن الديني بفرنسا.
– الانخراط في حوار الأديان مع المرشدين الدينيين الكاثوليك والبروتستانت واليهود أو الحوار مع الجمعيات التي تواكب المرضى دون خلفية دينية.
ولتجنب تضارب الأجوبة الدينية والآراء الفقهية على مستوى جهة اوكسيطاني ارتأينا منذ عام 2017 وبصفة دائمة ورسمية استشارة أستاذ فقيه ومرجع مختص في القضايا الدينية والبيوأخلاقية على مستوى جهة اوكسيطاني الفرنسية. وقد تفردت بحمد الله جهتنا بهذه الخاصية دون غيرها من جهات فرنسا.
وبفضل هذه الاستشارة تم اعتماد كراريس صغيرة بالعربية والفرنسية حول التبرع بالدم وبالأعضاء وحول التوجيهات الاستباقية وماينبغي وضعها في الوصية من طرف المريض لتفادي النزاعات التي قد تقع في العائلات أو بين العائلات والأطر الطبية والمصالح الإدارية المختصة.
وقد اشتغلنا مع المستشار الديني في الشؤون الدينية والبيوأخلاقية مع عدة مؤسسات رسمية حول الأمور الطبية وعلاقتها بالدين والتدين. أذكر منها الفضاء الجهوي البيوأخلاقي بجهة اوكسيطاني والوكالة الفرنسية للحيوية الطبية أو مايصطلح عليه باسم البيو-طبية.
كما ينظم وينسق المرشد الديني بتعاون مع فريقه الإفطار في رمضان( الحريرة، التمر، والأكلات التقليدية) للتخفيف على العائلات الوافدة من أماكن بعيدة والتي تحتاج إلى الدعم المادي والنفسي.
ويتم استشارة الطبيب قبل تقديم الوجبات للعائلات الذين يحبون تذوق بعض الأطعمة التقليدية. وأحيي في هذا الصدد فريق العمل نساء ورجالا الذين يقومون بتحضير وطهي الطعام وتوزيعه على المستفيدين، رزقهم الله الأجر والمثوبة.
من بين مهام المرشد الديني قيامه بالتنظيم والتنسيق مع فريقه لتجهيز الميت وذلك بالتقيد واحترام أحكام الجنائز. لأننا نتعبد الله بذلك وهو حق من حقوق المسلم علينا. و يساهم المرشد الديني في تسهيل الإجراءات الإدارية في المستشفيات والبلدية وأحيانا بالتعاون مع مصالح قنصلية البلد الذي ينتمي إليه الميت لأجل توفير الشروط المطلوبة واللائقة والمناسبة لتسفير الميت وذويه لبلده الأصل.
وجدير بالذكر أن كل مستشفى يضم قاعة للصلاة والعبادة للمسلمين فهو حق للمريض وعائلته بموجب القانون . فمن نزل بمستشفى من مستشفيات فرنسا فلا يتردد في سؤال القائمين على المستشفى حول إمكانية الصلاة في الغرفة او القاعة المخصصة للصلاة. وسيجد أمامه و طوع أمره مرشدا دينيا مسلما أو مسلمة.
لقد أظهرت أزمة كوفيد 19 الدور الكبير للمرشدين الدينيين في مواكبة المرضى وعائلاتهم والتخفيف عنهم وهذا بشهادة الأطباء و المسؤولين الإداريين في المستشفيات ومختلف دوائر القرار.
وقد رأينا وعايشنا حالات صعبة جدا نسأل الله أن لايعيد هذه الأزمة وأن يشفي جميع المرضى.
هذه تجربة نتقاسمها مع القارئ و أبناء وبنات بلدنا الحبيب لعلها تفيد من يحتاج إليها في مستشفيات وطننا المغرب.
فاللهم ربّ الناس، أذهب البأس، واشفِ أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يُغادر سقمًا.
قال الله تعالى ” وإذا مرضت فهو يشفين”. الآية 80 سورة الشعراء.
آمين- إنه سميع قريب