سعيد الزياني
بعد مرور أزيد من عقد على الفاجعة الإرهابية التي هزت مدينة مراكش يوم 28 أبريل 2011، حين استهدف تفجير دموي مقهى “أرگانة” بساحة جامع الفنا مخلفاً عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، عاد مكر الزمان ليضع الاسم نفسه في صلب حدث مأساوي جديد، وهذه المرة في مدينة العطاوية التي عاشت قبل يومين على وقع أحداث شغب وفوضى ونهب للممتلكات، حيث عمد ملثمون إلى تخريب واجهة مقهى بالمدينة تحمل إسم “أركانة”، في سلوك متهور ومشين، وذلك على هامش تجمهرات “جيل زيد”، وهو الحدث الذي يعيد إلى الذاكرة رمزية الإسم المرتبط بمأساة مراكش.
ورغم اختلاف السياقات، فإن الرابط بين ما جرى في مراكش وما وقع قبل يومين في العطاوية قائم بوضوح. فالإرهاب في حالة مراكش كان منظما وموجها بدوافع متطرفة، بينما ما حدث في العطاوية جاء في سياق احتجاجات كانت ذات مطالب اجتماعية، لتنفلتت وتسقط في أعمال تخريب ونهب وتهجم على الأشخاص والممتلكات، لكن في النهاية، كانت النتيجة نفسها، محاولة زرع الخوف وتقويض الثقة في الوطن وفي مؤسساته…
ما وقع في العطاوية يثبت أن العنف، أيا كانت مبرراته أو سياقاته، يشكل خطراً على السلم المجتمعي ولا يقل عن الإرهاب في نتائجه المدمرة.
وقد تختلف الأدوات والدوافع بين إرهابي يفجر مقهى وسط مراكش قبل سنوات، وملثمين يخربون واجهة مقهى، لكن التشابه قائم في الأثر، فكلاهما يعتدي على الحق في الأمن ويحول الشارع إلى فضاء للخوف.
ولا يخلو إسم “أركانة” من دلالات عميقة، فهو يحيل إلى شجرة الأركان التي لا تنبت إلا في التربة المغربية، لتغدو رمزا للهوية الوطنية والتفرد الحضاري. شجرة تصمد في وجه الجفاف وقسوة الطبيعة، وتلخص صورة المغرب المتجذر في تاريخه، القادر على مواجهة التحديات والمخاطر مهما عظمت.