منهج قرآني في العلم

دينبريس
ترجمات
دينبريس24 أبريل 2022آخر تحديث : الأحد 24 أبريل 2022 - 9:40 صباحًا
منهج قرآني في العلم

بيننا نحن البشر، لا أحد ينعدم تماما من الشعور الفطري ، حتى من وقت لآخر، أن هناك إلها عظيما وراء هذا الكون. فمن المحتمل أن يكون هذا الشعور محبطا مما قد يمنع الناس من الاستجابة له. ومن خلال التعاليم التي يتلقاها الجنس البشري نتيجة انتمائهم إلى بيئة معينة، وانغماسهم في بداية حياتهم وملاهي الدنيا بشكل طبيعي، يجب أن يختلف الخالق الجبار عنا من جميع النواحي:
“لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ” (سورة الشورى الآية 11)

ولا يمكن للعديد من الناس أن يكونوا محفزين بهذا الشعور الصادق بوجود الخالق من أجل إتباع الطريق الصحيحة المؤدية إليه سبحانه وتعالى. ولهذا أرسل الله تعالى أنبياء ورسلا عليهم الصلاة والسلام. إذ أنهم جاؤوا بدعم إلهي على شكل معجزات تتلاءم مع بيئتهم، إلى حين مجيء آخر رسله النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي ظهر بعد نضج عقل الإنسان وعندما كان عصر العلم كامن. وقد أيده الله بالقرآن ليكون معجزة أبدية.
ومن الواضح أنه لا شيء يمكن أن يبقى على سطح الأرض إلى الأبد باعتباره معجزة أبدية باستثناء الكتاب الفريد. ويجب أن يكون فن الخطابة الفذة وتعاليم مثل هذا الكتاب مؤيدة ومقنعة في جميع مراحل الحضارة. حيث أن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي تتوفر فيه هذه الشروط:
كانت بداية الوحي إشارة بارزة من أجل اكتساب المعرفة ورائدة في عطائها وكرامتها الواجبة: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ” (سورة العلق، الآية 13)
وأشار القرآن في مراحل الوحي المختلفة إلى أن المعرفة تعني جميع فروع العلوم. وبهذا يمكننا القول أن عددا كبيرا من الآيات القرآنية هي آيات كونية، تظهر علامات العليم الخالق القدير في الكون والعلاقة الوثيقة بين العلم ورسالة الإسلام. وكما هو معروف أنه في بداية العلم الحديث الذي سمي ب”عصر الأنوار”، غيّر جاليليو وكبلر وكذلك علماء الفلك المعروفين في العصور الوسطى طبيعة وترتيب العلم التقليدي.
وقد رفع القرآن الكريم (ومن ثم الإسلام) عقل الإنسان إلى أعلى المراتب، ويعتبر مسؤولا عن جميع الأعمال البشرية تقريبا سواء كانت صالحة أو طالحة: “بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ” (سورة العنكبوت، الآية 49)
ومرة أخرى، يعد العلم نتاج عقل الإنسان. فمن خلال اعتماد الأساليب العلمية، يمكننا الكشف عن علامات الخالق الخفية واكتشاف صفاته في الكون المادي، وهي خطوة بارزة إلى الأمام لكي يصبحوا مؤمنين. وفي الواقع، يعتبر العلم وحده غير كاف حتى يصبح المرء مؤمنا حقيقيا، بل هو أيضا من أجل الضمير وحده. و لهذا السبب، أرسل الله الأنبياء في كل صف ثم على التوالي إلى دول مختلفة، حتى أرسل الله تعالى في الأخير الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى العالم أجمع (الجنس البشري).
وينظر الإسلام إلى هذا العالم كمزرعة منتجة للعمل الصالح من أجل تحسين الحياة الأرضية والاستفادة منها، وكذلك ضمان السعادة في الآخرة. ولا يمكن أن تضيع أعمال الإنسان الصالحة أو الشريرة في هذه الحياة أو تذهب سدى، ويؤكد لنا الإسلام أن العمل الصالح في العالم هو وسيلة لتأمين السعادة في الآخرة، وكذلك النجاح في هذا العالم. بالإضافة إلى ذلك، يخشى ضمير المسلم عذاب الله، فيقول:”يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ، بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ” (سورة القيامة، الآية 15-13)
ومن وجهة نظر هذه التفسيرات، يمكن التأكيد بشدة على أن نهج ظواهر العلم الإسلامي يوازن بين العالم والآخرة، وبهذا يمكن فهم المثلث الذي يتكون من الله والإنسان والكون بطريقة صحيحة. ويتوقع أن يتجلى الهدف من الحصول على العلم أو المعرفة العلمية واستخدامها هو اكتساب قيم الإنسان في الدنيا والآخرة.
ولذلك، فإن العلم باعتباره تمرينا تجريبيا واستقرائيا لعقل الإنسان قد نشأ في سنوات الإسلام المجيدة خلال القرنين الثامن والثالث عشر بعد ميلاد المسيح. ولا شك في أن اليونانيين يستحقون التقدير من أجل جهدهم الرائد لتحفيز ودراسة أشكال مختلفة من المعرفة بما في ذلك العلوم.
إن تحقيق المسلمين أقصى حدود التقدم في العلم انتقل إلى دول أوروبا الغربية بطريقة مؤسفة إلى حد ما. ولسوء الحظ، فقد تزامنت ولادة العلم من جديد في أوروبا مع ظهور الإمبريالية.
وأدى تطور العلوم الأساسية المصحوب بتطور التكنولوجيا السريع إلى تغيير كبير في حياة ونظام البشرية الاجتماعي. حيث حطم مفهوم المصلحة الفردية والجماعية السابقة والوئام والأخلاق، وفجرت كل النظم والمعتقدات التي لا يستطيع العقل البشري التصالح معها، ودمرت مثل هذه التقاليد والاتفاقيات التي لم تستطع حل مجموعة من المشاكل الناشئة عن حضارة المعرفة التي تتطور وتتقدم بسرعة.
ـــــ
ترجمة: دنيا الساسي
المصدر:
science and civizilation in islam. Yrd. Doç. Dr. Mehmet AKGÜL

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.