إيمان شفيق
شهدت الولايات المتحدة الأمريكية، خلال السنوات الأخيرة، تحولا ملحوظا في توجهات الرأي العام تجاه القضية الفلسطينية، إذ أظهرت استطلاعات الرأي الحديثة ارتفاعا غير مسبوق في نسبة التعاطف مع الفلسطينيين، مقابل تراجع ملموس في الدعم التقليدي لإسرائيل. ووفقا لنتائج استطلاع أجرته مؤسسة “غالوب”، فقد بلغت نسبة الأمريكيين الذين يبدون تعاطفا أكبر مع الفلسطينيين 33%، وهي النسبة الأعلى منذ بدء قياس هذه المؤشرات (في فبراير 2025)، مقارنة بـ 25% فقط عام 2021. في المقابل، تراجعت نسبة التعاطف مع إسرائيل إلى 46%، وهو أدنى مستوى يسجل منذ خمسة وعشرين عاما.
من ناحية أخرى، أشار تقرير صادر عن “معهد بروكينغز” إلى تحول لافت داخل الحزب الديمقراطي، حيث ارتفعت نسبة المؤيدين لفلسطين من 16% عام 2001 إلى 59% عام 2025، في حين انخفضت نسبة التعاطف مع إسرائيل إلى 21% فقط. وتزامن ذلك مع نتائج استطلاع مركز “بيو للأبحاث” التي أظهرت أن أكثر من نصف الأمريكيين (53%) لديهم نظرة سلبية تجاه إسرائيل في بداية ولاية ترامب الثانية.
خلال ولاية ترامب الأولى (2017-2021)، ظل التأييد الشعبي لفلسطين محدودا نسبيا، إذ بلغ في المتوسط 20.5%، مقابل 61.25% لإسرائيل، بحسب بيانات مؤسسة “غالوب”، إلا أن التطورات الميدانية في السنوات الأخيرة، لاسيما تصاعد الأحداث في غزة والسياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ساهمت في إعادة تشكيل مواقف شريحة واسعة من الأمريكيين، بما في ذلك داخل صفوف الحزب الجمهوري، حيث أظهر استطلاع للمعهد العربي الأمريكي في 2025 ارتفاع نسبة الجمهوريين الداعين لممارسة ضغوط أكبر على إسرائيل من 37% إلى 49%، بما في ذلك تقييد المساعدات العسكرية.
واضح أنه لا يمكن إرجاع أسباب هذا التحول إلى عامل واحد، بل هو نتاج تداخل عوامل سياسية واجتماعية وثقافية، وفي مقدمتها تنامي الوعي بالقضية الفلسطينية في الأوساط الأكاديمية والإعلامية، وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي التي أتاحت وصول الرواية الفلسطينية إلى قطاعات أوسع من المجتمع الأمريكي. ومع استمرار هذه المؤشرات التصاعدية، هناك انطباعات مفادها أن السنوات المقبلة قد تشهد إعادة صياغة لموقع القضية الفلسطينية في السياسة الداخلية والخارجية الأمريكية، خاصة إذا استمر تراجع التأييد لإسرائيل بالوتيرة الحالية، الأمر الذي قد ينعكس على مواقف الإدارات الأمريكية المقبلة في المحافل الدولية.