أثار مسلسل “معاوية” الذي تبثه مجموعة MBC خلال شهر رمضان جدلا واسعا في الأوساط الدينية والإعلامية، خاصة بعد تجسيده لشخصيات من الصحابة في عمل درامي ضخم يتناول مرحلة حساسة من التاريخ الإسلامي.
وأعاد الأزهر الشريف التأكيد على موقفه الرافض لتجسيد شخصيات الأنبياء، والعشرة المبشرين بالجنة، وأمهات المؤمنين، وزوجات النبي محمد (ص)، معتبرا أن هذا الموقف ثابت منذ أكثر من عشر سنوات، فيما قررت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية منع عرض المسلسل على قناة MBC العراق، مشيرة إلى أن بث أعمال تاريخية ذات طابع جدلي قد يؤدي إلى إثارة النزاعات الطائفية، خاصة خلال شهر رمضان.
وفي تعليق على عرض المسلسل، قال الدكتور رضا عبد الواجد، عميد كلية الإعلام بجامعة الأزهر، في مداخلة تلفزيونية، إن الأزهر أكد مرارا ضرورة عدم تجسيد شخصيات الصحابة والرسل في الأعمال الدرامية، مشيرا إلى أن لهم مكانة خاصة لا يمكن أن يؤدي أدوارهم ممثلون يجسدون لاحقا شخصيات أخرى قد لا تتناسب مع هيبتهم.
وأضاف أن موقف الأزهر الشريف واضح، لكنه ليس جهة رقابية أو تنفيذية يمكنها منع إنتاج أو عرض هذه المسلسلات، خاصة إذا كان إنتاجا غير مصري، موضحا أن قصص الصحابة والتابعين يمكن تناولها في المراكز البحثية والمؤسسات التعليمية بطرق علمية وأكاديمية دون اللجوء إلى التمثيل الدرامي.
وكانت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية قد أعلنت، السبت، منع بث المسلسل على قناة MBC العراق، مشيرة إلى أن القرار يستند إلى الصلاحيات القانونية الممنوحة لها بموجب الأمر التشريعي 65 لسنة 2004، والتزاما بمسؤوليتها في تنظيم قطاع الإعلام وضمان انسجام المحتوى الإعلامي مع المعايير الوطنية والمهنية.
وأكد البيان أن عرض مثل هذه الأعمال قد يهدد السلم المجتمعي، ودعا المؤسسات الإعلامية إلى تجنب بث المحتوى الذي قد يؤدي إلى إثارة الفتن أو التحريض الطائفي.
ويأتي هذا الجدل بعد أن أطلقت مجموعة MBC الإعلان الترويجي للمسلسل، حيث تم تقديمه على أنه ملحمة تاريخية تتناول فترة انتقالية في التاريخ الإسلامي، من مقتل الخليفة عثمان بن عفان إلى الصراع بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وما تلاه من تأسيس الدولة الأموية.
ويجسد شخصية معاوية في المسلسل الممثل السوري لجين إسماعيل، بينما يؤدي إياد نصار دور علي بن أبي طالب، ويشارك في العمل عدد من الفنانين العرب، من بينهم سامر المصري، وأيمن زيدان، ونايف الظفيري، وصبا مبارك.
وتجسيد الصحابة في الأعمال الدرامية ليس قضية جديدة، فقد سبق للأزهر أن رفض عرض مسلسل “عمر” الذي تناول سيرة الخليفة عمر بن الخطاب عام 2012، معتبرا أن تجسيد هذه الشخصيات قد يؤدي إلى إسقاطات غير لائقة، كما أصدرت دار الإفتاء المصرية فتاوى تؤكد رفضها لتجسيد العشرة المبشرين بالجنة وآل البيت وأمهات المؤمنين، وهو ما يتعارض مع مضمون مسلسل “معاوية”، الذي يتناول شخصيات تعد من أبرز رموز التاريخ الإسلامي.
ومع استمرار الجدل حول العمل، تتباين المواقف بين من يرى أن المسلسل يقدم قراءة درامية لتاريخ إسلامي يجب توثيقه وتقديمه للأجيال الجديدة، وبين من يعتبره تجاوزا للمحاذير الدينية التي دأب عليها الأزهر الشريف وعلماء الدين لعقود طويلة.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=23813