21 سبتمبر 2025 / 17:24

مزالق القيم الفردية والدعوة إلى القيم الجماعية

محمد أحدو

في عصر تزداد فيه الفردية وتتضخم “الأنا” بفعل شبكات التواصل الاجتماعي والنزعات الليبرالية، أصبح من الضروري إعادة النظر في القيم الجماعية ودورها في حياتنا. هذه القيم ليست مجرد قواعد سلوكية قديمة، بل هي أساس وجودنا الإنساني، وقوة محورية تُشكل المجتمعات وتُدير شؤونها. تُقدم لنا الدراسات العلمية الحديثة أدلة قوية على أن العودة إلى هذه القيم ليست خيارًا أخلاقيًا فقط، بل هي ضرورة بيولوجية ونفسية تُعزز من صحتنا وقدرتنا على التفاعل الإيجابي مع محيطنا.
في هذا الصدد​ يشرح علم النفس التطوري أن التعاون والعمل الجماعي هما استراتيجيات أساسية للبقاء. في المجتمعات البشرية الأولى، كانت المجموعات التي تتعاون في الصيد والدفاع عن نفسها هي الأكثر نجاحًا في التكيف مع البيئة. هذا الارتباط التاريخي يُفسر لماذا نشعر بمشاعر إيجابية قوية عند مساعدة الآخرين؛ لأن هذا السلوك يُعزز من بقاء مجموعتنا.
​من جانب آخر، يُركز علم الأعصاب الاجتماعي على كيفية تأثير هذه القيم على وظائف الدماغ. فقد أظهرت الدراسات أن الأنشطة التعاونية تُنشط مراكز المكافأة في الدماغ، مما يجعلنا نشعر بالرضا عند العمل من أجل مصلحة مشتركة. هذا يؤكد أن الإيثار ليس سلوكًا غريبًا، بل هو جزء من نظام المكافأة البيولوجي لدينا، حيث يفرز الدماغ مواد مثل الدوبامين التي تُعطينا شعورًا بالسعادة.
و​لتحقيق مجتمع تُسيطر عليه القيم الجماعية، يجب تجاوز الفردية المفرطة ومقاومة الأنا. هذا لا يعني قمع الذات، بل وضع المصلحة المشتركة في المقام الأول. فاحترام الغير بكل ما يمثله من اختلاف في القناعات والتصورات والسلوك، ليس مجرد مجاملة، بل هو أساس للتعايش السلمي. عندما يُدرك الأفراد قيمة وجهات النظر المختلفة، دون السعي لفرض رأي على آخر، يُمكنهم نبذ التطرف وفتح المجال للحوار البناء.
​في النهاية، بناء مجتمع متماسك ليس مجرد مشروع اجتماعي، بل هو ضرورة بيولوجية ونفسية. إن تعزيز قيم مثل التعاون،….. ليس فقط وسيلة لحل المشكلات، بل هو طريقة لعيش حياة جماعية أكثر استعدادا لتقبل بعضنا داخل النظام الاجتماعي ، ولتوفير بيئة اجتماعية أكثر استعدادا للتعايش بما ينعكس على جودة الحياة والمحيط ، فلا يمكن اصلاح أحوال المجال دون إصلاح للانسان وبناء الانسان على أسس العيش المشترك واهميته بعيدا عن سيادة منطق القيم الذاتية والانانية والفردية والمصالح الشخصية والفئوية وسطوة القناعات الشخصية.

المصدر: صفحة الكاتب على فيسبوك:

https://www.facebook.com/share/1FU2ARhm63/