16 مايو 2025 / 00:25

مجلة نيجيرية تصدر عددا خاصا عن الملك محمد السادس وتصفه بمهندس النهضة الإفريقية

سعيد الزياني ـ دين بريس

أصدرت مجلة “ذا نيو أفريكا النيجيرية” عددا خاصا عن الملك محمد السادس سلط الضوء على مسارات القيادة المغربية من الزاوية الدينية والاجتماعية إلى الأبعاد الاقتصادية والدبلوماسية والاستراتيجية، مقدمة صورة متكاملة عن نموذج حكم يتسم بالهدوء ويستند إلى الشرعية الروحية والتماسك الاجتماعي والسيادة المبنية على الذكاء الاستراتيجي.

وتناولت المجلة، التي وزعت مؤخرا في نيجيريا ودول أخرى، اللحظة الرمزية التي جمعت بين العاهل المغربي والبابا فرنسيس بالقصر الملكي بالرباط سنة 2019، واعتبرت تلك الصورة تجسيدا لقيادة دينية تنبني على الحوار وتحمل رؤية للسلام الروحي تقوم على المرجعية الإسلامية المعتدلة والانفتاح على الآخر.

وأشادت بمكانة الملك بصفته أميرا للمؤمنين ومؤسسا لمعاهد علمية تعمل على تكوين الأئمة والعلماء، وهو ما مكن المغرب من تصدير نموذج ديني متوازن في مواجهة التطرف بالقارة الإفريقية، قائم على الوسطية والتصوف السني والاتساق بين الشرعية التاريخية والمشروعية الدينية، معتبرة أن هذا البعد يشكل مصدر قوة ناعمة تترجمها مساهمات المغرب في دعم الاستقرار ونشر ثقافة التدين الرشيد داخل القارة.

كما توقفت المجلة عند الرؤية الاجتماعية للملك محمد السادس، مشيرة إلى أن جوهر مشروعه التنموي يضع الإنسان في صلب السياسات العمومية، وأن أسلوبه في الحكم انتقل بالمغرب من دولة ترعى إلى دولة تصغي وتستثمر في الإصلاح المتدرج.

واستعرضت محطات مفصلية كإصلاح مدونة الأسرة سنة ألفين وأربعة، مؤكدة أن الملك أعاد فتح هذا الورش سنة 2022 لمراجعة القانون وفق التحولات التي تعرفها الأسرة المغربية، وأن هذه المراجعة اتسمت بالتشاور والانفتاح وشملت المؤسسات الدستورية والعلماء والمجتمع المدني، في إطار إصلاح توافقي يحفظ التقاليد ويستوعب المتغيرات، معتبرة أن كرامة المرأة تشكل عنصرا مركزيا في كرامة الأمة.

أما في ما يتعلق بالشباب، فرأت المجلة أن الملك محمد السادس يعتبرهم العمود الفقري لأي تحول حقيقي، وأن السياسات الموجهة إليهم تتجاوز المنطق الاجتماعي إلى منطق السيادة الاستراتيجية، من خلال الاستثمار في التعليم والتكوين والمبادرة والابتكار وربط المدرسة بسوق الشغل وتحويل الكثافة الديمغرافية إلى طاقة اقتصادية.

ووصفت المجلة القيادة الملكية بأنها لا تنظر إلى النساء والشباب كفئات معزولة بل كركائز في العقد الاجتماعي الجديد، وأن المغرب يقدم نموذجا نادرا في الدمج الاجتماعي يجعل من العدالة قاعدة للاستقرار.

وعلى المستوى الدبلوماسي، أشارت المجلة إلى أن الملك محمد السادس نجح في ترسيخ صورة المغرب كفاعل هادئ ومسؤول، لا يسعى إلى فرض النفوذ بل إلى بناء الجسور، وأن المملكة اختارت لعب دور الوسيط النزيه في ملفات حساسة كليبيا ومالي، واحتضنت لقاءات حوار دون ضجيج إعلامي، مما عزز مصداقيتها في المنتديات الدولية، مستشهدة بمصادقة الأمم المتحدة بالإجماع على قرار مغربي حول محاربة خطاب الكراهية وتعزيز الحوار بين الأديان سنة 2023.

وفي ما يخص قضية الصحراء المغربية، اعتبرت المجلة أن المقاربة الملكية تمزج بين الفعل التنموي والدبلوماسية الهادئة، من خلال مشاريع كبرى في العيون والداخلة ومقترح الحكم الذاتي الذي نال دعما واسعا من المجتمع الدولي، توج باعتراف الولايات المتحدة سنة 2020، وافتتاح أكثر من ثلاثين قنصلية في الأقاليم الجنوبية، مما جعل من المغرب نموذجا في كيفية إدارة الملفات السيادية بالحكمة والصبر والتراكم بدل التصعيد.

وأبرزت خصوصية النموذج الاقتصادي المغربي، الذي استطاع في غياب الثروات الطبيعية أن يبني اقتصادا صاعدا ومندمجا، قائما على الشراكة والتصنيع المحلي والاندماج القاري، مع نقل الخبرات في مجالات الفلاحة والطاقة والتعليم وتمكين النساء، معتبرة أن الدبلوماسية الاقتصادية المغربية تقدم نفسها كرافعة للتنمية المشتركة لا كأداة للهيمنة، وأن المبادرات الموجهة لإفريقيا ترتكز على منطق تقاسم التجربة وليس تصدير النموذج.

ونوهت المجلة بالمبادرة الملكية لتمكين دول الساحل من الوصول إلى المحيط الأطلسي، والتي حظيت بدعم من وزراء خارجية بوركينا فاسو ومالي والنيجر خلال استقبالهم من قبل الملك محمد السادس في القصر الملكي بالرباط شهر أبريل2025، معتبرة أن هذه الخطوة تندرج ضمن رؤية متكاملة للاندماج الإفريقي تجعل من المغرب جسرا تنمويا يربط إفريقيا بالعالم، ويقود قارة نحو المستقبل بثقة وثبات.