سارة فائق
وأنا أتابع طيلة هذه الأيام الأخيرة ما يجري في منطقة الكركارات وأعاين منسوب العداء المقيت المُكال للمغرب خصوصا من بعض جيران الشرق عبر وسائط التواصل الإجتماعي، تملكتني قناعة كنت إلى وقت قريب أداريها عن نفسي، وهي أننا ابتلينا بجار جعل حكامه من عداء المغرب عقيدة لهم وفزاعة يحملونها بين الفينة والأخرى في وجه شعبهم البئيس حول عدو خيالي متربص ببلد المليون شهيد الذين لو علموا ما آلت إليه بلادهم اليوم من هوان لما قاوموا الإحتلال من الأصل…
ترسخت قناعتي تلك وأنا أطالع منسوب العداء والكذب والتلفيق واختلاق الأخبار وأشاهد وصلات التجييش وصور الجنود والأسلحة على أغلب القنوات الجزائرية التي تفتقت عبقريات “محلليها السياسين” بحضور “مسؤولي الراصد” في تفكيك سيناريوهات المرحلة ومآلات الحرب والتغييرات الجيوستراتيجية التي ستكون لصالح الجزائر والبوليساريو.
وكان من آخر ما طالعتنا به هذه “القنوات” أن “المغرب يريد أن يجعل من الكركارات معبرا لحشيشه نحو ليبيا ومصر ومن تم إلى جنوب أوروبا بعد أن تكبد اقتصاده خسائر بسبب كورونا”…أي عاقل يصدق تحليلا كهذا، والغريب أن مثل هذه “الخزعبلات” تجد من يدافع عنها ويعيد اجترارها عبر الفيسبوك…
المغرب إذن ابتلي بجار جائر هو الجزائر وأتذكر قولا للراحل عبد الهادي التازي الذي قال “إن الملاحظ لخريطة المغرب من شماله إلى جنوبه يخيل إليه أن يدا تدفعه نحو البحر…” وهي دون شك أيادي الجنرالات الملطخة بدماء قتلى العشرية السوداء…
وأمام كل هذا الوابل من “خس الجوار” و”العداء الجهار” الذي يستوجب رص الصفوف وتوحيد الرؤى وترك الخلافات الداخلية جانبا، تجد ممن يعيش بين ظهرانينا وتحت سمائنا من استصغر في وطنه قولا حقا في ساعة شدة فتراه ابتلع، على حين غرة، لسانه الذي كان يشوي به في كل حال وآن، ويسكت عن الكلام في أمر وحدة البلاد الترابية وأمام تهديدات الانفصاليين ووراءهم الجزائر…
فهل غدا نشطاء “العدل والإحسان” دراويش لا تهمهم الحياة الدنيا الفانية وصراعاتها الزائلة؟ هل شغلوا أنفسهم بالرباطات والرؤى والأحلام حتى غفوا جميعهم في نومة سرمدية طويلة حجبت عنهم ما يقع حولهم؟
الجواب هو أن العدلاويين الذين يخرجون إلى الشوارع زمرا للدفاع عن فلسطين والعراق، تخلفوا لما تعلق الأمر ب “نصرة” وطنهم حيث معيشهم ومستقرهم، وهو تخلف أقرب إلى الجبن منه إلى شيء آخر حتى لا نقول الذنب، أليس التولي يوم الزحف من الكبائر؟
العدلاويون ابتلعوا ألسنتهم لأن معركتهم ليست معركة الوطن، وولاؤهم ليس للوطن، وعداؤهم لإمارة المؤمنين يجاهر به وكلامهم عن “المُلك العضوض” يلقن لفتيانهم…
هم يرون أن الدفاع عن ثغور البلد وحدوده شأن الملك وحده بصفته “حامي حمى الوطن” وأن انخراطهم في ذلك ولو قولا هو “شرعنة للمُلك” لذلك سكتوا وهو ما كشف سوأتهم وتقيتهم السياسية في لحظة حرجة تستوجب لم الصف وتصحيح المواقف، فالعدو المتربص لن يفرق بين عدلاوي ونهجاوي وآخر لأن المغاربة عنده جميعهم أعداء…
فماذا تقول العدل والإحسان للناس (بعد كل هذا) كما تساءل عبد السلام ياسين ذات مجلس نصيحة؟؟ أم أن “الإستبداد التربوي” عند هذه الجماعة لجم أفواه المريدين وحجر على عقولهم؟!!
المصدر : https://dinpresse.net/?p=12245