كشف مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في تقريره الشهري أن شهر غشت 2025 شهد تحولا مقلقا في تكتيكات التنظيمات الإرهابية بمنطقة الغرب والساحل الإفريقي، إذ تراجع عدد الهجمات من 28 عملية في يوليو إلى 11 فقط في غشت، غير أن الحصيلة البشرية ارتفعت بشكل لافت من 194 قتيلا إلى 338 قتيلا، إلى جانب 60 مختطفا وجريحين.
ويعكس هذا التطور انتقال الجماعات المسلحة من استراتيجية الانتشار الكمي إلى التكثيف النوعي، حيث باتت العمليات أقل عددا لكنها أشد فتكا وأكثر تأثيرا على الأرض.
وسجلت مالي النصيب الأكبر من الخسائر بست هجمات مثلت 54.5 في المائة من مجموع العمليات، وأسفرت عن مقتل 170 شخصا أي ما يعادل 50.3 في المائة من إجمالي الضحايا.
وجاءت بوركينا فاسو في المرتبة الثانية بثلاث هجمات خلفت 85 قتيلا وهو ما يمثل 25.1 في المائة من الضحايا.
وشهدت نيجيريا هجوما واحدا كان الأكثر دموية، إذ خلف 63 قتيلا و60 مختطفا، في مؤشر على استمرار اعتماد جماعات مثل بوكو حرام وولاية داعش غرب إفريقيا على الاختطاف كمصدر تمويل وأداة ضغط.
أما النيجر فقد تعرضت لهجوم واحد أسفر عن مقتل 20 شخصا دون تسجيل إصابات أو اختطاف، في حين لم تسجل بنين أي هجوم، ما يعكس نجاحا نسبيا للإجراءات الأمنية المتخذة هناك.
وشهدت العمليات العسكرية المضادة للإرهاب تراجعا ملحوظا في الفعالية، إذ نفذت القوات الأمنية سبع عمليات خلال غشت أسفرت عن تصفية 43 عنصرا إرهابيا واعتقال اثنين، مقارنة بـ 376 قتيلا في يوليو، أي بانخفاض يناهز 88.5 في المائة.
وتمكن الجيش النيجيري من تحييد 42 عنصرا، بينما اكتفى جيش النيجر بعملية واحدة أسفرت عن قتل إرهابي واحد.
ويرتبط هذا التراجع بحسب التقرير بتجنب الجماعات المسلحة المواجهة المباشرة، وضعف الاستخبارات الميدانية، إضافة إلى انشغال القوات بمهام دفاعية أكثر من هجومية.
وخلص مرصد الأزهر إلى أن الوضع الأمني في غرب إفريقيا يعكس مفارقة لافتة تتمثل في انخفاض عدد الهجمات مقابل ارتفاع دمويتها، وهو ما يؤشر إلى دخول الإرهاب مرحلة جديدة أكثر انتقائية وخطورة.
وأوصى التقرير باعتماد مقاربة شاملة تتجاوز الحل العسكري لتشمل معالجة جذور الأزمة من خلال تحسين الحوكمة وتفعيل برامج التنمية، بما يوازن بين القوة الصلبة والقوة الناعمة كآلية متكاملة لمكافحة الإرهاب وضمان استقرار المنطقة.