د. بلال حسن التل باحث أردني
يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية ستعود لأفغانستان مرة أخرى؛ ليس لأجل طالبان؛ والإسلاميين؛ بل لأجل الصين؛ خوفا من استعادتها لتايوان؛ وبالرغم من أن الصين عاجزة في الوقت الحالي عن ذلك؛ بسبب حصارها المطبق من الهند؛ واليابان؛ وكوريا الجنوبية؛ والفلبين؛ والتي هي جميعا ليست أذرعا لأمريكا فقط؛ بل في عداء حقيقي مع الصين؛ وتنافسها على طرق التجارة في المحيط الهادي والهندي؛ وقد حاولت سابقا إستعادة تايوان ومنيت بهزيمة نكراء؛ بسبب الدعم الأمريكي والدول المجاورة لتايوان؛ ومن يكسب هذه الجزيرة الصغيرة في الحجم العظيمة في الموقع؛ فقد سيطر على جميع طرق المحيط الهادي؛ وستستحوذ على جميع الجزر في المحيط بدءا من جزر اليابان وانتهاء بجزر الفلبين. ولن تتخلى عنها أمريكا ولو بحرب عالمية ثالثة.
وأما الدعاية الصينية الضخمة للأسلحة والطيران؛ فإنها لا تعدو الدعاية. وتحتاج لمائة سنة على الأقل حتى تستطيع الوصول للتقدم الأمريكي التقني.
كنت أسمع قديما أن الفارق بين الصين وأمريكا يساوي خمسين عاما من التقنية. واليوم أحسب أن الفارق زاد لمائة عام. لا أعتقد أن الصين ستغامر بشن حرب على تايوان في الوقت الحالي. ولكن أمريكا لا تترك شيئا للمصادفات؛ وها قد بدأت بحصار الصين من جهة أفغانستان.
وأحسب أن للأمر علاقة بروسيا أيضا. لو اندلعت الحرب بينها وبين حلف الناتو. فالعقل والمنطق الأمريكي يدعمان عودة أمريكا لأفغانستان.
ولا أعتقد أن هناك دولة حقيقية قائمة تنطبق عليها مفهوم الدولة في أفغانستان؛ وهذا حال باكستان أيضا. كلاهما في حالة مزرية علميا واقتصاديا وفي مجال حقوق الإنسان والتعليم والصحة والتقدم.. بعيدا عن العاطفة. لولا العداء الصيني الهندي؛ وطمع الصين في الطريق البرية مع الشرق لكسر الحصار البحري؛ لما رأينا خريطة باكستان كحالها اليوم.
ما الداعي لفصل باكستان عن الهند؟
لو حسبنا عدد المسلمين في باكستان وبنغلادش. فضلا عن المسلمين داخل الهند لكانوا أغلبية.. لا أقلية. فلا هم أخذوا الأغلبية في البرلمان الهندي؛ ولا هم أسسوا دولة حقيقية. ولا حافظوا على الاتحاد مع بنغلادش. وصرفوا ميزانية الدولة على الناحية العسكرية والنووية.. وأهملوا الناس تماما.
رحم الله أبا الكلام آزاد. عارض هذا الفصل. ووصفه بالخطأ التاريخي للمسلمين. وكان عالما بحيل بريطانيا. وأساليبها.
وهذه الحيل التي ورثتها أمريكا من أمها بريطانيا. والتي هما دولة واحدة بالمناسبة. ما تزال فعالة.
وحال تايوان في المحيط الهادي؛ هي عين حالة فلسطين في الشرق الأوسط. وإن اختلف طبيعة الاحتلال وموضوعه. لكن الفكرة واحدة.
ما يزال العالم يعيش حسب نتائج الحرب العالمية الثانية. والتي لن تتغير إلا بحرب ثالثة. ونرجو أن لا تحدث؛ وأن يحصل التغيير بهدوء. لكن للأسف لن يحدث مثل هذا التغيير إلا بموت ربع البشرية على الأقل.