محمد أبلاغ
عادة ما أقول لطلبتي ممازحا لهم ان من يكتب لي ” فلسفة اسلامية” أو “فلسفة غربية” ساعطيه نقطة موجبة للسقوط، هناك مراحل في تاريخ الفلسفة تزدهر الفلسفة في منطقة دون أخرى وفقا للشروط الموضوعية التاريخية للمرحلة. نعم الفلسفة ظهرت لتضافر عدة شروط في اليونان لكن ليس معنى هذا انها “غربية”، كل فكر موضوعي إلا ويتحول من المحلية إلى الكونية، بمعنى يظهر لأسباب محلية في منطقة ما ثم بعدها يتحول إلى فكر كوني يشمل الكرة الأرضية بكاملها. وإلا لجاز لنا ان نسمي الجبر والمقابلة علما إسلاميا لأنه ظهر في أرض الإسلام في القرن 9م، في حين أن علم الجبر والمقابلة، تضافرت في ابتكاره عوامل عدة أساسها الاسلام الذي سمح بالتركيب بين حضارتين سابقتين عليه هما الهندية واليونانية، ابتكر للاجابة على المسائل الشرعية المتعلقة بالفرائض، وبعدها انطلق لوحده إلى ان صار اليوم يستعمل في مجالات لا يمكن حصرها ولا يزال يتطور باستمرار. كذلك الفلسفة ظهرت في اليونان، ولاحتكار العلم لصالح اهداف استعمارية مقيتة أحتكرت الفلسفة كذلك واعتبرت ثقافة غربية، لسلب امكانية التفكير العقلي عن الآخرين. عند التأريخ للفلسفة يجب أن نؤرخ لها إن أردنا ان نكون فاعلين ومساهين في الفكر العالمي المعاصر الذي يطرح أمامنا تحديات كثيرة، من بينها وجودنا نفسه كشعوب يسعى البعض لتفتيتها وتدميرها، انطلاقا من مراحلها ليس إلا: هناك المرحلة الهلينية المحلية، ثم المرحلة الهلستينية الكونية، ثم المرحلة العربية الاسلامية، ثم الفلسفة الحديثة في أوروبا، وواضح ان هذه المراحل كلها مرتبطة بمراحل القوة والضعف بالنسبة للحضارات، لأن الفلسفة فكر فاتح. ثم هناك المرحلة المعاصرة، ويخطئ من يعتبرها فلسفة أوروبية لأنه يسقط حتما في التبعية والاستلاب، ومنه ضرورة التعامل النقدي مع كل ما انتجه الفلاسفة الأوروبيون العاجزون عن التعامل الشامل مع قضايا الانسانية، لأنهم أسرى فكر متخلف يجعل من اوروبا مركزا للعقل ومنه الفلسفة والعلم. مشكلة طه عبد الرحمن هي السقوط في رد فعل ورد الفعل لا ينتج فكرا موضوعيا، لأن القول بالحق العربي في الاختلاف الفلسفي لا يخدم إلا القوى الاستعمارية، لأن فيه تسليم خاطئ بأن كل ما انجز إلى اليوم والذي ساهم فيه أعلام من مختلف القارات والديانات والمعتقدات هو انجاز غربي، وما علينا إلا أن نجد فكرا بديلا نحصر فيه أنفسنا، وهذا الطرح لا يسقط فيه إلا من لا يفهم أن الارتباط بين الفلسفة والعلم هو ارتباط معلول بعلة، كل تصور فلسفي إلا ويكون بالضرورة مرتبطا بالبراديغم العلمي السائد في مرحلة معينة وهو واضح، لذلك إن سلمنا لهم بان الفلسفة الحالية هي لهم وعلينا أن نبحث عن فلسفة بديلة، معناه أن نسلم لهم أيضا ـ كما فعل الغزالي وابن الصلاح وابن تيمية وغيرهم ـ أن العلم لهم لوحدهم، ليفعلوا به ما يشاؤون، أي أن يحولوا الشعوب الأخرى إلى رماد كما يفعل اليوم في العزة التي لا أستطيع حتى ذكرها، لأنهم باحتكارهم للعلم يحتكرون منتجاته أيضا والتي من بينها هذه الوسيلة التي أتواصل بها مع الأصدقاء والتي يمكن أن يتم حظري منها إن تحدثت عن القضية. نحتاج اليوم إلى فكر فلسفي عالمي يشمل الانسانية بالكامل، وان ندخل في حوار جدي مع هابرماس وأمثاله، لأن نبين لهم أن كل من لا يؤمن بالإنسان كجوهر مطلق هو متخلف، هابرماس بالنسبة لي متخلف، لأن الانسان إما أن يكون متقدما بالكامل أو متخلفا بالكامل.
مهداة للأطفال والنساء والشيوخ والرجال هناك، المكتوين بنار التوجه الخاطئ للفلسفة والعلم، نحو تدمير الانسانية بدل بناءها.
ليست هناك فلسفة اسلامية هناك فكر كوني يتفاعل فيه المحلي مع الكوني، ويخضع لجدل الخاص والعام، ويجب علينا أن ننخرط فيه من هنا لنبين لهم أنهم مخطؤون، وأن للكل الحق في العيش بسلام.