عبد الله بوصوف
دشنت جريدة لوموند الفرنسية حملتها الجديدة ضد المغرب يوم الاثنين 26 غشت، معلنة عن عدد حلقات الهجوم الستة.
دفعنا الفضول لقراءة المقال الأول، رغم علمنا بنايات وخفايا الجريدة الفرنسية الراسخة في كراهية المغرب ورموز المغرب السيادية والدستورية والأمنية…
وقد سجلنا أكثر من عثرة لمقال أريد له أن يخلق ضجة إعلامية وسياسية، وقد كان لهم ذلك، لكن برد فعل عكسي، إذ تحلّق المغاربة حول المؤسسة الملكية وحول صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رافضين في تعابير قوية ادعاءات صحفية تغلف العداء للمغرب بغلاف الصحافة.
لكن، هل سننتظر الحلقات الخمس الباقية؟ وهل سنبدل مجهود الرد عليها؟ عمليا يمكننا فعل ذلك، لكن السؤال الجوهري: هل ننتظر نحن المغاربة من يعلمنا تاريخ سلاطيننا وملوكنا؟ هل نحن المغاربة نجهل من نكون ونحتاج لمن يحدثنا عن علاقتنا بسلاطيننا وملوكنا؟
الأكيد أن الإنتاجات الفكرية والتاريخية والتراث الشفهي المغربي غني بالعديد من الأحداث والمواقف التي تجيب عن العلاقة القوية، وعن العروة الوثقى بين العرش والشعب.
ولكن، مادامت لوموند وعبر عرائسها الجدد les marionnettes، كل من كريستوفر عياد وفريديك بوبان، تكلفا بالهجوم الجديد ضد جلالة الملك محمد السادس شخصيا، والحديث عن حالته الصحية بدون معطيات علمية دقيقة تخص وضعه الصحي، والاكتفاء فقط بالتذكير بلحظات بعينها… فإننا نذكر كريستوفر عياد، صاحب كتاب “جيوبولتيك مصر” سنة 2002 وكتاب “جيوبولتيك حزب الله” سنة 2024، بأن جلالة الملك محمد السادس يُعتبر كبير العائلة المغربية، لذلك فلم يخف أبدا لحظات مرضه التي كان يعلمها الشعب المغربي عبر بلاغات القصر الملكي.
لقد اعتقد مهندسو الهجمة الجديدة من مكاتب لوموند بباريس أن بإمكانهم زعزعة ثقة المغاربة بملكهم محمد السادس، وأنهم سينالون بذلك رضى وكرامات النظام العسكري الجزائري؛ ويبدو من جهة أخرى أن الثنائي “الحالم” لم يقرأ جيدا تاريخ المغرب والمغاربة، ومراجعه ناقصة تماما، إذ اشتغل الأول مراسلا لـ”ليبراسيون” في مصر، ومعروف بأنه مرتزق يصطاد في أماكن ساخنة كسوريا ولبنان (حزب الله) والسودان حيث أمضى طفولته… والثاني في تونس.
والظاهر أنه قد خُيل “للصرافين” أن تنظيم هجوم إعلامي ضد المؤسسات الأمنية السيادية، أولا عبر مقالات لفريديك بوبان مع توظيف أسماء بعض المرتزقة والخونة كبهارات تثير شهية النظام العسكري، وثانيا عبر الحضور المكثف لبعض بقايا اليسار الحاقد على الملكيات المتجذرة في قنوات وبودكاست جعلت من النيل من المغرب سبب وجودهم وخبزهم اليومي… لكن كل ذلك لن يمكنهم من زعزعة استقرار الأمة المغربية العريقة المرتبطة بشكل وجدتني بمقدساتها وبملكها.
والمثير للاشمئزاز هو الكيل بمكيالين الذي تمارسه الجريدة في تناولها لقضايا المنطقة المغاربية، ففي الوقت الذي تجند لوموند كل أقلام المرتزقة للهجوم على رمز وحدة المغاربة جلالة الملك محمد السادس، فإنها تكتفي بنشر خبر عابر عن حادث سقوط حافلة مسافرين مهترئة بالجزائر مخلفة قتلى وجرحى، في الوقت الذي يتساءل فيه الرأي العام الجزائري عن مصير الرئيس عبد المجيد تبون، وعن سر اختفائه المفاجئ!
كما أننا نسجل التعامل التفضيلي والانحيازي لهيئة تحرير لوموند أثناء أزمة الجزائر وباريس، وكيف أنها كانت تقحم المغرب في ازمة غير معني بها بالإشارة المستمرة إلى أن الرابح من صراع الجزائر وباريس هو الرباط، بدون أن تواكب أنشطة الدولة الفرنسية نفسها كفاعل في ملفات ليبيا والساحل جنوب الصحراء أو غيرها.
أعتقد أن قراءة “جيوبولتيك مصر” سنة 2002، حيث وصف النظام بالدكتاتوري وغير الديمقراطي وبتوريث جمال مبارك وضرورة تحرك الشعب… و”جيوبولتيك حزب الله” سنة 2024، حيث ذكّر بوجود 150 ألف صاروخ موجهة لإسرائيل، لكريستوفر عياد، مهم جدا للوقوف على حقيقة أقلام قذرة تعتقد أن بإمكانها تهييج وتجييش الشارع، وأن بإمكانها قراءة الكف، بالاعتماد فقط على بعض الأخبار الزائفة والمعلومات المتاحة على الإنترنيت، ومقالات سطحية لا تحمل أي عمق في التحليل، ولا تستحق أن يطلق عليها “تحقيقا صحفيا”.
لكل هذا نقول لهؤلاء ولمشغليهم ولصرافيهم إن المملكة المغربية الشريفة شكلت دائما حالة استثنائية، سواء في مرحلة الفتح الإسلامي أو في عهد العثمانيين أو الاستعمار أو التحرير أو الربيع العربي، ونذكرهم أن المغرب هو “نسيج لوحده”، وبأن قراءة الحلقات الخمس ليست مهمة، لأننا نعرف جيدا من نكون، وإلى أين يقودنا جلالة الملك محمد السادس، ولا عزاء للخونة ولجريدة لوموند.