كتاب جديد يكشف التكامل بين الدرس العقدي والقرائي في تفاسير الغرب الإسلامي

4 ديسمبر 2025

الدكتور أمين انقيرة
صدر للباحث المغربي الدكتور أمين انقيرة مؤلَّف جديد بعنوان: «التكامل المعرفي بين الدرس العقدي والدرس القرائي في مدونات مفسري الغرب الإسلامي من التأصيل إلى التمثيل»، وهو عمل من 200 صفحة قدّم له الدكتور عبد المجيد معلومي، أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض.

يعالج الكتاب وجوه التداخل بين علوم العقيدة والقراءات وبقية العلوم الشرعية، ويبرز آليات التكامل المعرفي التي اعتمدها كبار مفسري الغرب الإسلامي في توظيف علم القراءات لخدمة مباحث الإلهيات والنبوات والسمعيات ومسائل الإيمان.

وينطلق الباحث من فكرة مركزية مفادها أن علم القراءات يتجاوز حدود الأداء اللفظي ليصبح علما مؤسِّسا تعتمد عليه مختلف التخصصات الشرعية؛ فهو أساس لغوي للمفسر، ومرجع استدلالي للفقيه، وأداة منهجية للأصولي والمتكلم.

ومن هذه الزاوية تتبع الكتاب المواضع التي يتقاطع فيها الدرس العقدي مع الدرس القرائي داخل مدونات التفسير، مركزا على القضايا العقدية الكبرى وفي مقدمتها الإلهيات، والنبوات، والسمعيات، وما يتفرع عنها من قضايا الإيمان.

واقتصر المؤلف على نموذج من سبعة تفاسير للغرب الإسلامي تُعد من أهم مصادر هذا الحقل، وهي: الهداية إلى بلوغ النهاية، التحصيل لفوائد كتاب التفصيل، البحر المحيط، البحر المديد، المحرر الوجيز، التسهيل لعلوم التنزيل، والجامع لأحكام القرآن.

ويضع هذا العمل نفسه ضمن سلسلة مشاريع علمية تعزز حضور العقيدة الأشعرية وثوابت المملكة المغربية، من بينها: العقيدة الأشعرية ثابت من الثوابت الدينية…، المدارس العلمية العتيقة بإقليم حوز مراكش…، شرح منظومة قواعد الإسلام لابن ناصر الدرعي، وموسوعة الثوابت الدينية للمملكة المغربية الشريفة.

وجاء الكتاب في أربعة فصول؛ تناول الأول تعريف القراءات القرآنية وأنواعها، ومسألة العرضة الأخيرة والأحرف السبعة، إلى جانب تعريف العقيدة الأشعرية وأهم مباحثها، مع بيان مسالك التكامل المعرفي بين العقيدة والقراءات.

أما الفصل الثاني، فخصص لمباحث الإلهيات من خلال رصد القراءات الواردة في أسماء الله وصفاته وأفعاله.

واهتم الفصل الثالث بمباحث النبوات، متناولا اختلاف دلالات بعض القراءات، والقراءات المتعلقة بأسماء الأنبياء وصفاتهم.

فيما خُصّص الفصل الرابع لمباحث السمعيات والإيمان، ورصد ما ورد فيها من قراءات تتعلق بالإيمان باليوم الآخر، والملائكة، والفرق، وبقية قضايا الاعتقاد.

ويخلص الكتاب إلى جملة من النتائج؛ أبرزها التأكيد على وجود صلة وثيقة بين علم القراءات وعلم العقيدة، سواء من حيث الاستدلال أو من حيث معالجة الإشكالات العقدية.

ويبرز الباحث أن اختلاف القراءات في بعض المواضع يساعد في درء الشبه العقدية، وفي توسيع آفاق الاستدلال داخل علم العقائد، باعتبار القراءات المتواترة جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم.

ويحذر الكتاب أيضا من توظيف بعض الفرق المنحرفة للاختلافات القرائية بصورة محرفة لخدمة تصوراتها الباطلة.

ومن النتائج كذلك أن الاستدلال بالقراءات حاضر في معظم مباحث العقيدة، من الإلهيات إلى النبوات والسمعيات، وأن مدونات التفسير بالغرب الإسلامي تميزت بثروة علمية كبيرة في توجيه القراءات، خاصة لدى أعلام مثل الإمام المهدوي ومكي بن أبي طالب القيسي وابن جزي الكلبي.

ويبين الباحث أن توجيه القراءات العقدية ينقسم إلى ضربين: توجيه يقوم على القراءات العشر المتواترة، وتوجيه يقوم على القراءات الشاذة التي اختل فيها شرط من شروط القراءة الصحيحة.

ويصل الكتاب إلى أن عدد المواضع العقدية في التفاسير المدروسة التي تتقاطع مع علم القراءات تجاوز ثمانين موضعا.

ويؤكد المؤلف في ختام بحثه أن هذا العمل يسهم في ترسيخ البناء العلمي للعقيدة الأشعرية ولثوابت المملكة المغربية، وفي خدمة المعرفة الدينية التي يرعاها أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، أدام الله عزه ونصره، سائلا الله أن يديم على المغرب أمنه ووحدته، ويحفظ جلالته وولي عهده الأمير مولاي الحسن وصنوه الأمير مولاي رشيد وسائر الأسرة الملكية الشريفة.

التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد.

“الإسلام الإخواني”: النهاية الكبرى

يفتح القرار التنفيذي الذي أصدره أخيرا الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، والقاضي ببدء مسار تصنيف فروع من جماعة “الإخوان المسلمين” كمنظمات إرهابية، نافذة واسعة على مرحلة تاريخية جديدة يتجاوز أثرها حدود الجغرافيا الأميركية نحو الخريطة الفكرية والسياسية للعالم الإسلامي بأكمله. وحين تصبح إحدى أقدم الحركات الإسلامية الحديثة موضع مراجعة قانونية وأمنية بهذا المستوى من الجدية، فإن […]

استطلاع رأي

هل أعجبك التصميم الجديد للموقع ؟

Loading...