8 مارس 2025 / 13:10

قلاقل التماهي بين الدعوة والسياسة عند الجماعات الإسلامية

أحمد طه ـ باحث مصري
من خلال مواقف جدليّة عديدة وقعت خلال السنوات الماضية اشتبك فيها ما هو ديني بما هو سياسي استوقفني موقف فريق من أناس عاديين غير مؤدلَجين وغير مؤطّرين فكريّاً أو حزبيّاً.

هذا الفريق بمجرّد أن يرى أتباع الجماعات والتنظيمات إيّاها في جانب فإنّه يذهب بصورة تلقائيّة ويصطفّ في الجانب الآخر دون تبصّر لأبعاد الجدل على طريقة ليس حبّاً في زيد ولكن نكاية في عمرو.

من أكبر قلاقل ما يُسمى ب”الصحوة” التي قادتها جماعات وتنظيمات الإسلام الحركي منذ السبعينيّات تبنّيها خطاباً يمزج بين الشرعي والسياسي وبين الدعوي والحزبي عبر قيامها ب”تسييس” القضايا الشرعيّة والشعائر الدينيّة بل واستخدامها – في كثير من الأحيان – كأداة للحشد والتجنيد أو النظر إليها باعتبارها مقياس للانتصار والانتشار الطبقي والمجتمعي.

وكان المثال الأبرز هو الحجاب وفي فترة لاحقة جاء الدور على اللحية (ظهور مصطلحات ضديّة مثل الحليق والطليق والمحجبّة والمتبرّجة) والنقاب الذي يعتبره المُتنطّعون المُتسلفّون قدس الأقداس وكأنّه أصل من أصول الدين!

مأساة خطاب جماعات وتنظيمات الإسلام الحركي في مصر أنه أقام التجنيد السياسي / الحزبي على أرضيّة دعويّة/ شرعيّة فربط بغباء نادر المثال بين السياسي والدعوي وبين الشرعي والسياسي، بحيث إذا سقط الأوّل لحق به الثاني.

فلا تقتصر الخسارة على الحزبي دون الدعوي أو على السياسي دون الشرعي، بل تشمل الأمريْن كليهما معاً في مشهد مأساوي.

وعلى المدى الطويل كان الحصاد هو تلك الحالة التي نراها واضحة وأصابت البعض – و ربما أصابت كثيرين – من نفور من الدين بسبب ارتباط الأمور الشرعيّة في أذهانهم بنماذج دعويّة رديئة من تجّار الدين إيّاهم
وكان “الخاسر الأكبر ” هو الدين نفسه.

من خلال معطيات السنوات العشر الماضية يظلّ الملمح المؤكّد أن تلك الجماعات والتنظيمات بذلك الخطاب البائس وبتلك التركيبة النفسيّة ذات النزعة القطبيّة التي تستبطن المظلوميّة والمهدويّة أمست صورة سيّئة منفِّرة من الدّين … إن مستوى آخر أكثر عمقاً يقول بأن تلك التنظيمات والجماعات بتلك الحالة الهائلة من الانكشاف والإفلاس باتت عبئاً على الدّين وباتت تُشكِّل حاجزاً بين الناس وبين صحيح الدّين.
ــــــــــــــ
رابط صفحة الكاتب على فيسبوك