17 أغسطس 2025 / 08:49

قراءة في الصحف.. هل نجح البابا الجديد في اختبار مائة يوم الأولى؟

دين بريس ـ سعيد الزياني
تتعدد القراءات الإعلامية لمسار المئة يوم الأولى من النشاط الديني البابا ليو الرابع عشر، إلا أنها تلتقي عند صورة عامة تصفه كقائد هادئ اختار تجنب الجدل وإعادة الطمأنينة إلى الكنيسة الكاثوليكية بعد سنوات من التوتر والانقسام في عهد سلفه.

فقد أبرزت وكالة “أسوشيتد برس” ومعها “الإندبندنت” أن النبرة التي اعتمدها البابا الجديد أقرب إلى التهدئة والانضباط المؤسسي، حيث ركز على قضايا السلام والوحدة مع الاستمرار في ملفات ذات بعد عملي كالمشروع البيئي في الفاتيكان وتشديد الشفافية المالية.

أما التغطية التي نشرتها “ريلجن نيوز سيرفس” (RNS) وأعادت نشرها صحيفة “سولت ليك تريبيون” The Salt Lake Tribune، فقد ركزت على أسلوب المزج بين إشارات تقليدية تطمئن المحافظين، مثل ارتداء “لباس داخلي” (Undershirt) والعودة إلى القصر الرسولي، وبين الاستمرار في مسار “السينوِدية” Synod (المجمع الكنسي) الذي يطمئن التيار الإصلاحي، لتظهر صورته كموحد قادر على الجمع بين جناحين متباعدين داخل الكنيسة.

وأجمعت التحليلات الإعلامية على أن البابا اختار منذ البداية أسلوب الاستماع قبل القيادة، مع تكثيف اللقاءات الداخلية والاعتماد على خطابات مكتوبة أكثر من الارتجال، ما يعكس انضباطا اتصاليا واضحا بالمقارنة مع حدة النبرة التي ميزت سلفه.

فيما أبرزت بعض القراءات أن خطواته العملية حملت رسائل مزدوجة، من إقرار إجازة أبوة مدفوعة للموظفين إلى العودة إلى تقليد قضاء الصيف في “كاستل غاندولفو” Castel Gandolfo، وهو ما فهم على أنه تأكيد على القاعدة الكاثوليكية التقليدية دون التخلي عن الإصلاحات الاجتماعية.

وحظيت رمزية كونه أول بابا أمريكي بحيز واسع، حيث اعتبرته بعض التحليلات جسرا محتملا بين الكنيسة العالمية والمشهد السياسي والثقافي الأمريكي.

وأظهرت استطلاعات الرأي أن صورته لاقت قبولا إيجابيا من مختلف الاتجاهات، وهو ما يفسر الحديث عن فرصة لبناء وحدة في كنيسة كانت منقسمة بشدة حول سياسات البابا السابق.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، عكست لقاءاته مع الرئيس الأوكراني ودعواته إلى وقف الحرب في غزة تحولا نحو موقف أكثر وضوحا من ملفات النزاع، مقارنة بالحياد الذي تبناه الفاتيكان في عهد فرانسيس.

وبرزت ملفات أخرى على جدول أعماله مثل قضية الذكاء الاصطناعي التي أولاها أهمية خاصة بوصفها تحديا أخلاقيا جديدا، وهو ما يرجح إمكانية إصدار وثيقة بابوية في هذا المجال.

وتلتقي التغطيات الإعلامية عند خلاصة مفادها أن البابا ليو الرابع عشر دشن مرحلة عنوانها تهدئة الأسلوب مع الاستمرار في الخطوط الإصلاحية الكبرى، لكن التحديات الحقيقية ستبدأ حين يباشر تعييناته في بعض الدول ويتخذ مواقف واضحة من القضايا الخلافية الكبرى كالعلاقة مع الصين ودور النساء في الكنيسة.

وحتى ذلك الحين، يبقى السؤال مفتوحا حول قدرة هذا النهج التوافقي على الصمود حين يواجه لحظة القرارات ذات التكلفة السياسية واللاهوتية العالية.