7 يونيو 2025 / 09:11

قادة دينيون أفارقة يناقشون العدالة التاريخية وسبل جبر الضرر الاستعماري

ناقش قادة كنائس ومفكرون دينيون من مختلف أنحاء القارة الإفريقية، خلال مؤتمر لاهوتي استضافته العاصمة الكينية نيروبي بين 3 و6 يونيو 2025، سبل تصفية تركة الاستعمار وتحديد ملامح العدالة التاريخية في السياق الإفريقي، في ظل تزايد المطالب الدولية بالتعويض عن فظائع الحقبة الاستعمارية وتجارة الرقيق عبر الأطلسي.

وقد شكل هذا اللقاء، المنظم تحت عنوان “الاستشارة اللاهوتية حول إنهاء الاستعمار والتعويضات”، فضاء لتأمل جماعي في حجم الأضرار التاريخية التي لحقت بالشعوب الإفريقية، وموقع المؤسسات الدينية من هذا الإرث المركب.

المنظمون طرحوا سؤالا مركزيا حول ما إذا كانت قضية إنهاء الاستعمار بالفعل تعبر عن أولويات إفريقية نابعة من داخل القارة، أم أنها تعبير متأخر عن أجندات تعيد إنتاج ماض لم يُصفَّ بعد.

وعاد النقاش بالمشاركين إلى لحظة مؤتمر برلين في أواخر القرن التاسع عشر، حين اجتمعت القوى الأوروبية لتقسيم إفريقيا على الورق، في ما بات يعرف تاريخيا بـ”التهافت على إفريقيا”، وقد توافق المشاركون على أن المؤسسات الغربية، الدينية منها والسياسية، مطالَبة اليوم بالاعتراف العلني بانخراطها في سياسات قامت على الاستغلال والقهر، معتبرين أن الاعتذارات الرسمية تشكل بداية فقط، لكنها تظل فارغة من معناها إن لم تُتبع بأفعال ملموسة.

كما لم يغب عن النقاش الجانب الذاتي للمسؤولية، إذ تم التذكير بدور بعض النخب المحلية في تسهيل الاستعمار والمشاركة في تجارة الرقيق، ما يستدعي نقدا ذاتيا داخل الذاكرة الجماعية الإفريقية نفسها.

ودعا المشاركون إلى تجاوز الخطاب الأخلاقي العام نحو بلورة رؤية عملية تضع كرامة الإنسان الإفريقي في صلب النقاش، بعيدا عن التصنيفات العرقية أو المذهبية، استنادا إلى رؤية توحيدية للكرامة الإنسانية.

وجرى التذكير بتحديات التعدد الديني داخل المجتمعات الإفريقية، من مسيحيين ومسلمين وأتباع الديانات التقليدية، ما يستوجب مقاربة شاملة وغير إقصائية عند المطالبة بحقوق تاريخية.

كما اعتُبر أن الاعتذار الرمزي، على أهميته، لا يعوّض الخسائر الاقتصادية والبشرية التي راكمها الاستعمار عبر استغلال الموارد ونهب التراث، مطالبين بخيارات عملية مثل إلغاء الديون وتعويض المجتمعات المتضررة بشكل مباشر.

ويأتي المؤتمر في سياق دولي يتسم بتزايد الاعتذارات الرسمية من عدد من الدول الأوروبية عن أدوارها في الاستعمار والعبودية، وتنامي إدراك عالمي لضرورة جبر الضرر، فيما تشهد القارة الإفريقية نقاشا متجددا حول علاقتها بتاريخها الاستعماري وسبل تحقيق العدالة لأجيال الحاضر والمستقبل.