عبد المجيد باعكريم يصدر “في المنهج: منطق الكشف النظري العلمي والفلسفي”

دينبريس
2025-02-10T20:27:33+01:00
إصدارات
دينبريس10 فبراير 2025آخر تحديث : الإثنين 10 فبراير 2025 - 8:27 مساءً
عبد المجيد باعكريم يصدر “في المنهج: منطق الكشف النظري العلمي والفلسفي”

دين بريس. خاص
لا يمكن للمرء مباشرة بحث كائنا ما كان يدعي لنفسه نصيبا من الصدقية العلمية، دون أن يحدد مسبقا معالم المنهج المزمع اتباعه وكذا المفاهيم المعول تجنيدها. وهكذا، وتنفيذا لمشروعنا تنطلق من مبدأ عام مفاده أن أي مذهب فلسفي، شأنه شأن أي تصور علمي منسق، هو بمثابة نظرية، أي مجموعة فرضيات ومبادئ نقوم عبرها باستنباط الواقع الذي نروم إخضاعه للمفهمة ونبغي منحه المعقولية بهذا المعنى، تكون النظرية ذلك البناء المفهومي المنسجم القمين باستيعاب، بصورة أشمل وأبسط من غيره، كتاب العقل المبسوط بداخلنا وكتاب الطبيعة المفتوح أمامنا، ثم كتاب ما بعد الطبيعة الآتي من فوقنا في نسق واحد وموحد، تتغير طوبولوجيته وتتفاعل مكوناته تأثيرا وتأثرا، وتتبادل عناصره الأدوار والأولويات، وفق تجدد الإشكاليات وتبدلها عبر الأزمنة والعصور النظرية.

هكذا تحدث المفكر المغربي عبد المجيد باعكريم، في أولى أعماله الصادرة مؤخرا، والتي علم موقع دين بريس”، أن هناك طبعة ثانية، منقحة ومزيدة، سوف تصدر عما قريب، قبيل فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، الذي سوف تنظمه العاصمة الرباط في أبريل القادم.

الحديث عن كتاب “في المنهج: منطق الكشف النظري العلمي والفلسفي”، حيث نقرأ في الاستهلال أعلاه أيضا، أنه انطلاقا من هذا المبدأ ومن استقراء المؤلف لتاريخ المنظومات النظرية، خلُص إلى أن الأدوار الرئيسة قد ينهض بها العلم في فترة من الفترات من رياضيات، كما حصل في العصر القديم مع المدرسة الفيتاغورية، أو من فيزياء، مثلما حدث مع البصريات في القرن الرابع عشر الغربي، أو من فلك كما وقع في القرن السابع عشر. إنها لحظات حاسمة، قام العلم فيها بدور المحرك الأبستمولوجي. مثلما قد تقوم الفلسفة بدور طلائعي في الفترات البينية، فترات البناء المفهومي، بين نقلة علمية وأخرى، حيث يتم تأهيل المفاهيم الفلسفية والعلمية على حد سواء، وهو ما دأبنا على تسميته بانفصال العلوم واستقلالها عن الفلسفة.

جاء الكتاب موزعا على تقديم عام بعنوان “من أجل ثورة كوبرنيكية عربية”، وثلاثة أقسام.

في مبادئ المنهج الأبستمولوجي، هو عنوان القسم الأول، وموزع على فصلين: مفهوم المنهج الأبستمولوجي؛ مفهوم النسق النظري. ثم القسم الثاني، تحت عنوان الأصل النظري للإشكالات والقضايا الفلسفية والعلمية، وموزع على ثلاثة فصول: الأصل الرياضي – الفيزيائي للإشكالات والقضايا الفلسفية، الأصل الفلكي للإشكالات والقضايا الفلسفية: كوبرنيكوس وديكارت نموذجا؛ وأخيرا فصل ثالث بعنوان الأصل الفلسفي للإشكالات والقضايا العلمية: نظرية الطاقة.

ثم القسم الثالث بعنوان الأصل الإشكالي للصنائع الفلسفية والعلمية، ويتفرع بدوره على ثلاثة فصول: في الأصل الرياضي للصنعة الفلسفية، في الأصل الفلسفي لعلم الفلك أفلاطون، في الأصل الفلسفي لعلوم الطبيعة. أما خاتمة الكتاب، فجاءت بعنوان في منطق الأنساق النظرية.

تضمن الكتاب وقفات نقدية مع بعض الأسماء الفكرية التي اشتغلت على المدونة التراثية، وخاصة الثنائي محمد عابد الجابري وطه عبد الرحمن، كما نقرأ في التقديم العام للكتاب، حيث اعتبر المؤلف في هذا السياق، أنه علاوة على كون الباحثين العرب قاربوا موضوعنا وفق منطق غير ملائم لمجال النظر وهو منطق التقنية، فإن حجة بعضهم المتمثلة في إرجاع عدم “إبداعية” الفكر الفلسفي العربي الإسلامي إلى أسباب لغوية، متصلة بسوء الترجمة وبعدم احترام المترجمين للمقتضيات التداولية للسان العربي هي حجة يسهل تفنيدها بحجة تاريخية مضادة.

وبيان ذلك ــ يضيف عبد المجيد باعكريم ــ أن المسألة الترجمية لا تخص الأمة العربية وحدها، بل تنطبق أيضا، وبصورة أولى وأجدر على الشعوب الأوروبية في عصورها الوسطى؛ ذلك أن الغرب لم يطلع في بادئ أمره على التراث الفلسفي اليوناني في نصوصه الأصلية، وإنما بعد مروره عبر الترجمات العربية مع ما تحمله من آفات وهفوات بحيث لم ينته به الأمر إلى اللغة اللاتينية إلا بعد اجتيازه وسائط إضافية، كاللغة العبرية بل والقشتالية في العديد من الأحيان.

ولذلك كانت شروحات ابن رشد لنصوص أرسطو بردا وسلاما على المستقبل النظري لهذا الأخير. ونحن نعلم أن الغرب لم يحصل على جل المتون اليونانية الأصلية إلا في وقت لاحق، وبعد أن كان من بعثه الفكري ونهضته العلمية ما كان وبناء عليه، فقد كانت المعيقات الترجمية لدى أوروبا أكبر وأعظم، ومع ذلك زكا أصلها وأثمر فرعها.

سوف يتطرف المؤلف مليا في الفصول التي تلت التقديم العام، وبما لا يترك مجالا للشك، أن المشكلات الفلسفية هي مشكلات حقيقية، ذات طابع عقلي ومفهومي صرف، ولا تنحل إلى مجرد قضايا لغوية وأسلوبية، بل إن اللغة المفهومية للفلسفة هي ما يسحب عليها صبغة كونية وإنسانية، لا بعدا ثقافيا أو قطريا كما يدعي أصحاب هذا الموقف.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.