روسيا، الصين وباكستان.. “امتناع” لمصلحة المغرب

3 نوفمبر 2025

محمد زاوي
اعتمد مجلس الأمن الدولي، مساء الجمعة الماضية (31 أكتوبر 2025)، قرارًا تاريخيًا يؤيد مقترح الحكم الذاتي الذي تقدّم به المغرب باعتباره الحلّ السياسي العادل والدائم لقضية الصحراء المغربية، والخيار الأكثر واقعية وتوافقًا مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة. وقد حظي القرار بتأييد 11 دولة من أصل 15، من بينها الولايات المتحدة (صاحبة القلم)، فرنسا، بريطانيا، اليونان، بنما، وكوريا الجنوبية، فيما امتنعت كل من الصين وروسيا وباكستان عن التصويت، في حين امتنعت دولة واحدة عن المشاركة في العملية.

وقد تساءل متابعون، بمجرد ظهور نتائج التصويت، عن الأسباب التي جعلت دول روسيا والصين وباكستان تمتنع عن التصويت. إلا أن خرجة وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة على القناة الثانية، قد بددت بعض جوانب اللبس عندما فسر الموقفين الصيني والروسي بالخلاف بينهما وبين الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها “صاحبة القلم”، فيما فسر الموقف الباكستاني بقضية كشمير. كان هذا تفسير وزير الشؤون الخارجية، وهو في نظرنا في حاجة إلى مزيد من التحليل والتفصيل، لعلنا نفهم موقف هذه الدول على حقيقته، ولعلنا نستشرف مواقفها من قضية الصحراء المغربية مستقبلا.

ربما كان الموقف الروسي بالامتناع منتظرا، في حين توقع متابعو الموقف الصيني تقدم هذا الموقف لاعتبارين اثنين: التطور الإيجابي الذي تعرفه العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين المغرب والصين، الموقف الوحدوي الصين التي تعاني تهديد الانفصال في تايوان وتخوض تجارب الحكم الذاتي في هونكونغ ومكاو. وهنا يجب طرح سؤالين: لماذا امتنعت الصين عن التصويت رغم هذين الاعتبارين؟ وما الذي حملها على عدم استخدام حق “الفيتو” ضد القرار الأممي؟

هما مصلحتان إذن، مصلحة جعلت الصين تمتنع، وأخرى جعلتها لا تستخدم حق “الفيتو”. لو استخدمت هذا الحق لكانت ضد قضيتها من جهة أولى، وضد مصالحها مع المغرب كموقع استراتيجي في خطة “الحزام والطريق” من جهة ثانية. أما الامتناع فهو حمّال وجهين؛ إنه امتناع عن التصويت لكنه امتناع لمصلحة المغرب ما دام لم يتطور إلى “فيتو”، وإنه امتناع تحافظ به الصين على بعض أوراقها التفاوضية مع المغرب والولايات المتحدة الأمريكية.. وبذلك تساهم الصين في بلورة “العالم الجديد” دون أن تفقد الكثير من أوراقها التفاوضية، خاصة في مواجهة نقيض اقتصادي “شرس” هو الولايات المتحدة الأمريكية.

الأمر بالنسبة لروسيا مختلف إلى حدّ ما، رغم اختلافها هي نفسها مع “صاحبة القلم” الولايات المتحدة الأمريكية كما هو شأن الصين.. غير أن الخلاف الروسي مع أمريكا يستمد خصوصيته من سياق محتدم لم تضع فيه الحرب الروسية الأوكرانية أوزارها إلى حدود اليوم (وإلى حدود تاريخ التصويت على القرار)..

أضف إلى ذلك العلاقات التاريخية والاقتصادية القوية (في مجال الاقتصاد العسكري خاصة) التي تربط روسيا بالجزائر؛ وإن كانت هذه العلاقات تعرف بعض التراجع مؤخرا بسبب موقف الجزائر من الحرب الروسية الأوكرانية، وعلاقاتها النفطية الغازية بالدول الأوروبية في عز الحرب بينها وبين روسيا، وكذلك الموقف الجزائري المناوئ لمجموعة “فاغنر” في إفريقيا (خاصة في مالي)..

كل هذه العوامل، بالإضافة إلى العلاقات الإيجابية التصاعدية بين روسيا والمغرب، وتقاطعها إلى حد بعيد مع استراتيجية ترامب الدولية؛ هذا ما نظنه جعل روسيا تكتفي بالامتناع عن التصويت وتقرر عدم استعمال حق “الفيتو”. وبذلك تكون روسيا قد اتخذت موقفا لمصلحة المغرب، رغم امتناعها عن التصويت على القرار الأممي.

ونظرا لأهمية كشمير بالنسبة لباكستان التي لتوها خرجت من حرب قصيرة مع الهند، فإن الموقف “المنسجم” -ظاهريا- مع قضيتها أن تصوت بالرفض ما دامت لا تمتلك حق “الفيتو”.. وذلك ناهيك عن علاقاتها المتذبذبة بالولايات المتحدة الأمريكية التي تربطها علاقات أقوى بالهند، بما هي نقيض إقليمي لباكستان.

وما دامت باكستان قد اكتفت بالامتناع عن التصويت، فإنها حافظت بذلك على انسجام موقفها في كشمير، وعلى مراعاتها لعلاقاتها بدول الخليج (خاصة السعودية باعتبارها دولة حليفة المغرب)، وكذا على أفق تطور علاقتها بالمغرب والجزائر معا.

إنه امتناع للمستقبل، وهو تقدم كبير في مواقف هذه الدول، خاصة الصين وروسيا اللتان تنهيان بعدم استعمالهما لحق “الفيتو” الرهان الإيديولوجي على تكتلات لم تعد مقبولة ليس في عالم اليوم فحسب، بل منذ سقوط جدار برلين، بل منذ أدارت الصين ظهرها الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي.

لقد بقي هذا الرهان عالقا في ذهن “الإدارة الجزائرية” وحدها، لكنه أصبح اليوم مرتبكا في هذه الذهنية نفسها.. وليس أمام الجزائر إلا أن تفكر بمنطق “العالم الجديد” الذي يحبل بمفاجآت أخرى قادمة، من الصين وروسيا نفسيهما. “العالم الجديد” يرسخ الحق المغربي الشرعي والمشروع منذ قرون، وما على الجزائر إلا تدبير مصالحها وفق ما يتيحه هذا العالم.

بذلك تربح، وبغيره تخسر من حيث تزعم أنها تلعب أوراقا في معركة تجاوزتها ولم تعد تقبل بالأوراق المحروقة.

توكل كرمان.. من جائزة نوبل إلى خطاب الفتنة

عمر العمري تقدم توكل كرمان نفسها، منذ حصولها على جائزة نوبل للسلام سنة 2011، بوصفها رمزا عالميا للحرية وحقوق الإنسان، إلا أن مسارها الإعلامي والسياسي اللاحق سرعان ما كشف عن تناقض صارخ بين الشعارات والممارسة. فبدل أن تكون صوتا للحوار والسلام، تحولت إلى منبر للتحريض والتجريح، مستخدمة المنصات الرقمية لنشر خطاب عدائي يستهدف المغرب ومؤسساته […]

استطلاع رأي

هل أعجبك التصميم الجديد للموقع ؟

Loading...