كشف تقرير صدر أخيرا عن مركز بيو للأبحاث أن واحدا من كل عشرة بالغين دون سن الخامسة والخمسين حول العالم قد غادروا الديانة التي نشأوا عليها، إما بالتحول إلى ديانة أخرى أو بعدم الانتماء لأي دين.
التقرير، الذي اعتمد على تحليل بيانات من 117 بلدا تغطي 92% من سكان العالم عام 2010، يسلط الضوء على أن ظاهرة “التحول الديني” أو “الانسلاخ الديني” باتت ملموسة خصوصا بين الأجيال الشابة.
وفقا للبيانات، فإن 76% من سكان العالم كانوا لا يزالون منتمين إلى ديانة معينة في عام 2020، مسجلين انخفاضا طفيفا بنسبة نقطة مئوية واحدة مقارنة بعام 2010، وهو تراجع يُعزى بالأساس إلى تزايد عدد الأفراد الذين يتركون الأديان التي تربّوا عليها.
وتركّز التحليل على الفئة العمرية ما بين 18 و54 سنة، وهي المرحلة العمرية التي يشهد فيها الأفراد غالبا تغييرات في الهوية الدينية.
أشار التقرير إلى أن معدلات الاحتفاظ بالديانة الأصلية تختلف باختلاف الخلفية الدينية، المسلمون والهندوس سجّلوا أعلى معدلات الثبات، حيث بقي 99% من الذين نشأوا على الإسلام أو الهندوسية متمسكين بدينهم في مرحلة البلوغ، في حين احتفظ 93% من الذين نشأوا بلا دين بنفس الوضع.
أما المسيحيون، الذين يمثلون أكبر مجموعة دينية في العالم، فقد احتفظ 83% منهم بانتمائهم الديني، بينما سجّل البوذيون أدنى معدلات الاحتفاظ، إذ استمر 78% فقط ممن نشؤوا على البوذية في تبنيها لاحقا.
وفي ما يتعلق بالتحولات، أظهر التقرير أن الاتجاه الغالب هو “فقدان الانتماء الديني”، أي ترك الديانة الأصلية دون تبني دين بديل، 19% من البوذيين السابقين و13% من المسيحيين السابقين باتوا غير منتمين دينيا، وبالمقابل، 7% ممن نشأوا بلا دين انضموا لاحقا إلى دين معين.
وظلت ظاهرة التحول الديني بين المسلمين والهندوس محدودة جدا، وغالبا ما تتجه نحو ديانات أخرى أكثر من التوجه إلى اللاّدين.
من حيث الأثر الصافي لظاهرة التحول، كانت أكبر الخسائر من نصيب المسيحيين، حيث إن من بين كل 100 شخص نشأوا على المسيحية، غادرها 17.1 شخصا، في مقابل انضمام 5.5، ما نتج عنه خسارة صافية قدرها 11.6.
البوذيون خسروا أيضا 9.8 من كل 100، في حين حقق غير المنتمين دينيا مكاسب صافية بـ16.7 شخصا لكل 100 نشأوا بلا دين، بفضل معدل انضمام بلغ 24.2 مقابل معدل مغادرة قدره 7.5.
التحول الديني، وفقا للتقرير، أكثر شيوعا في الدول التي تسجل معدلات مرتفعة في مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة، ففي 51 دولة ذات مؤشر يبلغ 0.8 أو أكثر، بلغت نسبة الذين غيّروا دينهم 18% في المتوسط، مقابل 3% فقط في الدول التي يقل مؤشرها عن 0.55.
لكن التقرير لاحظ أن ارتفاع مستوى التنمية لا يعني بالضرورة ارتفاع معدل التحول، إذ إن بعض الدول ذات المؤشرات المرتفعة تسجل معدلات تحول منخفضة، خاصة في الدول ذات الأغلبية المسلمة، وكذلك في تايلاند وكمبوديا حيث الغالبية بوذية.
ويعكس التقرير يعكس تحولا تدريجيا في أنماط الانتماء الديني عبر العالم، ويبيّن أن التحولات الدينية ترتبط بعوامل ثقافية، واجتماعية، واقتصادية، وقانونية، ما يجعلها ظاهرة مركّبة تتجاوز مجرد القرار الفردي.