حاجَتُنا الى علمِ اجتماعٍ دينيٍّ

زعيم الخيرالله
آراء ومواقف
زعيم الخيرالله12 مايو 2021آخر تحديث : الأربعاء 12 مايو 2021 - 5:33 مساءً
حاجَتُنا الى علمِ اجتماعٍ دينيٍّ

زعيم الخيرالله
علمُ الاجتماعِ هو العلمُ الذي يدرُسُ الظواهرَ الاجتماعيّةَ ، ويحاولُ تفسيرَها وبيانِ ظروفِ نَشْأَتِها . وعلمُ الاجتماع الديني الذي هو مُرَكَبٌ اضافي من شَيْئينِ هما : الاجتماع والدين، وهو العلمُ الذي يدرُسُ الظواهر الدينيّةَ وظُروفَ نَشْأتِها . وهو علم حديث ظهر في النصف الأولِ من القرنِ العشرين.

وعلم الاجتماعِ الدينيِّ يحاول دراسةَ الظاهرةَ الدينيَّةَ كظاهرةٍ اجتماعيّةٍ وتفسيرها على اساسٍ ميدانيٍّ تجريبيٍّ وتجريدها من بعدها اللاهوتي الغيبيِّ . وعلى هذا الاساس قَدَّمَ علمُ الاجتماعِ الدينيِّ نظرياتٍ وفرضياتٍ متعددة في تفسير الظاهرة الدينيّة . منها تفسير دوركايم نشأة الدين على اساس التفسير الطوطمي الذي فسر به نشوء الدين البدائي الذي استوحاه من كتابات ووثائق عن قبائل استراليا .

ويرى الفيلسوفُ كانط : (أَنَّ الدينَ هو الشعورَ بواجباتنا من حيثُ كونُها قائمة على اوامرَ الهيَّةٍ ساميّةٍ).(1) ، ويرى الفيلسوفُ ديكارت في كتابه ” مقالٌ في المنهج” : ( أنّّهُ ينبغي لنا أن لانقبلَ شيئاً على أنّهُ حق مالم يتبين ببداهةِ العقلِ انه كذلك . ولكنَّهُ في كتابه (مبادئ الفلسفة) يذكر أنَّ من واجبنا أن نتخذَ لنا قاعدةً معصومةً بأنَّ ما أوحى به الله هوَ أوثقُ بكثيرٍ من كلِّ ماعداه).(2)، ويرى هيغل أن الدينَ هو : ( فنٌ باطِنيٌّ يُصَوِرُ لنا الحقيقةَ الالهيّة من الداخل عن طريق الشعورِ الباطنيِّ ). (3) ، ويُعَرِّفُ شلاير ماخر الدينَ بأنّهُ : ( خضوعنا لوجودٍ لاينالُهُ ادراكُنا ، أَوأَنَّهُ خُضوعُ الانسانِ الى موجودٍ أَسمى منهُ ) . (4)

وعَرَّفَ تايلور الدينَ بشكلٍ عام بأَنَّهُ : (الاعتقادُ في الكائناتِ الروحيّة أَو الاعتقاداتُ في الموجوداتِ الروحيّة ).(5)، امّا ماكس مولر فيعرّفُ الدينَ بأَنَّهُ : ( الشعورُ باللانهائي أَو بأَنَّهُ احساسُنا باللامتناهي). (6) ، اما اميل دوركايم الذي يمثِّلُ المدرسةَ الفَرَنسِيَّةَ فيرى بأّنَّ الدينَ ( مجموعةٌ متماسِكَةٌ من العقائدِ والعباداتِ المتصلةِ بالاشياء المُقّدَّسَةِ آمرَةً وناهِيَةً بحيثُ تؤلِفُ هذهِ المجموعةَ وحدةً دينيّةً متصلةً بكلِّ من يؤمنونَ بها ). (7)

وهناك من فسر نشأَة الظاهرة الدينيّة بالخوف، اي : ان الانسانَ يرى في حياتِهِ ظواهرَ يخافُ منها كالرعد والبرق والصواعق والزلازل والبراكين ، هذه الحوادث تبعث الرعبَ والقلقَ في حياة الانسان ؛ فادى ذلك بالانسان ان يخترع قوةً تحميه من كل هذه الحوادث اسماها الله . فالله وفق هذه النظريات اختراعٌ انسانيٌّ . وهناك نظرية فسرت نشوء الدين بالجهل اي: اننا نجهل اسباب الحوادث المفزعة ولانجد لها تفسيراً فنلجأ الى قوة عالمة لاجهل في ساحتها ؛ لتطمئن نفوسُنا.

أمّا اذا استطاع العلم ان يقدم لنا التفسيرات الكافيّة فلا حاجة الى الدين . وهناك التفسير الماركسي القائم على اساس الصراع الطبقي الذي تبنته الماركسيّة واعتبرت ان الدين نتاج الطبقة التي تملك وسائل الانتاج والتي تمتص جهد وعرقَ العمّال وتخدرهم بامانيّ واحلام وان هناك عالماً آخرَ يحقق لهم كل ماعانوه من اسىً وعذاب وعرق وكفاح ، ولذلك اطلق ماركس مقولتَهُ ( الدين افيون الشعوب) .

امّا القرانُ الكريم فيقدمُ رؤيته في تفسير نشأة الدين من خلال الاية الكريمة في سورة الروم :(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ). الروم : الاية: 30 .

فيعتبر الدينَ فطرة الهية، وان الدينَ تعبير عن حاجَةٍ فطريّةٍ لدى الكائن الانسانيِّ.

وعلى هذا الاساس على المفكرين ان يستنبطوا من خلال أَلآياتِ الكريمة والاحاديث النبويّة الشريفة علم اجتماعٍ دينيٍّ اسلامي بامكانه ان يفسر لنا الكثير من الظواهر كظاهرةِ الصحوة الاسلاميّة وظاهرة العنف وظاهرة الانحراف لنفسرها كظاهرة اجتماعية تفسيراً اجتماعيّاً وفق رؤيتنا لفهم الظواهرِ الاجتماعيّة .

ــــــــ
المراجع
1- أحمد الخشاب ، الاجتماع الديني ، مكتبة القاهرة الحديثة،القاهرة 1964، ص 75.
2-زكريا ابراهيم ، مشكلة الفلسفة، دار القلم ، القاهرة 1962، ص 192.
3-نفس المصدر السابق ، ص 93 .
4-روجيه باستيد ،مبادئ علم الاجتماع الديني ، ص 33.
5- احمد ابو زيد ، تايلور ، مطبعة دار المعارف ، القاهرة ، 1957 ، ص 132.
6-روجيه باستيد ، مصدر سابق ، ص 33 .
7- علي سامي النشار ص 27 .

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.