27 أكتوبر 2025 / 10:58

توكل كرمان.. من جائزة نوبل إلى خطاب الفتنة

عمر العمري
تقدم توكل كرمان نفسها، منذ حصولها على جائزة نوبل للسلام سنة 2011، بوصفها رمزا عالميا للحرية وحقوق الإنسان، إلا أن مسارها الإعلامي والسياسي اللاحق سرعان ما كشف عن تناقض صارخ بين الشعارات والممارسة.

فبدل أن تكون صوتا للحوار والسلام، تحولت إلى منبر للتحريض والتجريح، مستخدمة المنصات الرقمية لنشر خطاب عدائي يستهدف المغرب ومؤسساته الدستورية، في خروج واضح عن قيم التوازن والمسؤولية التي يفترض أن تميز الحاصلين على أرفع الجوائز الدولية.

لقد اختارت كرمان أن تسخر حضورها الإعلامي لخدمة خطاب مشحون بالكراهية، وصلت حد الدعوة إلى “الثورة والانتفاضة” ضد المغرب، في سلوك لا يمكن قراءته إلا في سياق تحريض مباشر على الفوضى وتقويض الاستقرار.

وقد قوبل هذا التوجه المتهور برفض واسع من قبل الفاعلين الحقوقيين والإعلاميين المغاربة، الذين رأوا فيه تجاوزا لأخلاقيات الخطاب العمومي وخرقا فاضحا لحدود حرية التعبير المسؤولة.

ولا يعد هذا السلوك جديدا على صاحبة “نوبل”، إذ اعتادت مهاجمة دول عربية عدة، متخذة من قضايا الحرية وحقوق الإنسان ذريعة لتصفية حسابات سياسية، ما جعلها في نظر كثيرين نموذجا بئيسا لانزلاق النضال الحقوقي نحو الخطاب الإيديولوجي الحاد الذي يخدم أجندات حزبية وتنظيمية فاقدة للمصداقية.

إن هذه القضية تعيد إلى الواجهة سؤالا جوهريا حول مسؤولية النخب المكرمة دوليا في صون القيم التي تمثلها، والوفاء للمعاني التي حملتها تلك الجوائز، فـحرية التعبير ليست ترخيصا للفوضى، ولا غطاء لترويج الكراهية والإساءة إلى الدول ذات السيادة.

وحين تتحول المنصات الرقمية إلى أدوات لتأجيج التحريض باسم الحقوق، يصبح من واجب المجتمعات الدفاع عن القيم القانونية والأخلاقية التي تحفظ السلم العام وتصون هيبة المؤسسات.

وأظهرت أزمة توكل كرمان مع المغرب بوضوح هشاشة الخطاب الحقوقي الانتقائي، الذي يرفع شعار الحرية حين توافقه المصالح، ويتنكر لها حين تقترب من المس بما يعتبره مناطق نفوذ أو امتياز.

إن ما نشهده اليوم يمثل اختبارا فعليا لمصداقية من يرفعون راية الحقوق في العلن بينما يمارسون التحريض في الخفاء، واختبارا كاشفا لتمييز الأصوات الصادقة في دفاعها عن القيم الإنسانية، عن تلك التي اتخذت من النضال واجهة لتبرير الفوضى وتشويه صورة الدول المستقرة.