كشفت نتائج تقرير صادر تحت عنوان “المسيحية في الإعلام 2025“، أنجزته وكالة العلاقات العامة Jersey Road، أن التغطية الصحفية للمسيحية في المملكة المتحدة لا تعكس بشكل كاف التنوع والتجدد الذي يعرفه الواقع الكنسي، بل تميل في مجملها إلى التركيز على تمثيلات محدودة للإيمان المسيحي.
اعتمد التقرير على تحليل 5200 مادة إعلامية نُشرت ما بين ديسمبر 2023 ونوفمبر 2024، باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التي توفرها منصة Agility PR Solutions المتخصصة في تتبع وتحليل المحتوى الإعلامي.
وبحسب المعطيات الرقمية الواردة في التقرير، فقد تركزت التغطية الإعلامية على الكنيسة الكاثوليكية بـ1247 مادة، تليها الكنيسة الأنجليكانية بـ846 مادة، علما أن الفترة التي شملها التحليل تميزت بحدثين لافتين يتعلقان بالكنيسة الأنجليكانية، هما صدور تقرير “ماكين” بشأن الانتهاكات داخل معسكرات شبابية، واستقالة رئيس أساقفة كانتربري.
وسجل التقرير أن الكنيسة الكاثوليكية حظيت بتغطية تزيد بنحو 50 في المئة عن تلك الموجهة للكنيسة الأنجليكانية، رغم أن الأخيرة تُعد من حيث عدد الممارسين الأكثر حضورا في المملكة المتحدة، في المقابل، لم تتجاوز التغطية المخصصة للكنيسة الخمسينية، التي يُشار إلى نموها المتسارع، نسبة 1 في المئة، وهو ما اعتُبر مؤشرا على ضعف تمثيل المسيحية الشعبية في المحتوى الإعلامي.
كما خلص إلى أن عدد التغطيات ذات الطابع السلبي يفوق الإيجابي، خصوصا في المواضيع المرتبطة بالانتهاكات داخل المؤسسات الدينية.
وأشار معدّو التقرير إلى أن دور الإعلام في محاسبة الجهات الدينية قائم، إلا أن التغطية تبقى غير متوازنة إذا اقتصرت على هذا الجانب دون تسليط الضوء على قصص الانخراط المجتمعي والتجارب الشخصية المرتبطة بالإيمان.
وتناول التقرير أيضا مسألة غياب التغطية المنتظمة لحالات الاضطهاد التي يتعرض لها المسيحيون في عدد من مناطق العالم، رغم وجود تقديرات تشير إلى أن أكثر من 380 مليون شخص يعانون من التمييز أو العنف بسبب معتقداتهم الدينية.
وذكر أن حادثة طعن قس في أستراليا كانت الاستثناء الوحيد الذي نال حضورا إعلاميا بارزا، في حين لم تُمنح قضايا مماثلة في دول مثل نيجيريا أو أفغانستان أو كوريا الشمالية الاهتمام ذاته.
ورصد التقرير ميلا نحو تغطية الشخصيات الجدلية وربط الدين بالقضايا السياسية والثقافية الخلافية، مقابل تراجع الاهتمام بسرديات الإيمان الفردي والتحول الشخصي، رغم ما توفره هذه القصص من عناصر إنسانية ذات وقع إيجابي لدى الجمهور.
ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن بعض التغطيات التي تناولت إيمان شخصيات عامة، خصوصا في مجالي الرياضة والفن، ساهمت في تقديم صورة مختلفة عن العلاقة بين الفرد والدين.
وفي تعليق له، أوضح غاريث راسل، المدير التنفيذي لـJersey Road، أن الهدف من التقرير ليس الدفاع عن المؤسسات الدينية، وإنما المساهمة في إعادة التوازن إلى الخطاب الإعلامي المتعلق بالمسيحية، من خلال إبراز جوانب الحياة اليومية والتغيير الإيجابي الذي تشهده المجتمعات الكنسية.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن العلاقة بين الكنيسة والإعلام يمكن أن تتطور نحو مزيد من الفهم والتوازن، من خلال تبني مقاربات جديدة تتيح قراءة أكثر شمولية للواقع الديني في بريطانيا، بما يعكس التعدد والتجدد الذي يطبع الحياة الإيمانية اليوم.