دين بريس ـ سعيد الزياني
وقع اغتيال الناشط المحافظ الشاب تشارلي كيرك، البالغ من العمر 31 عاما، كالصاعقة على المشهد السياسي والديني في الولايات المتحدة.
وأثناء إلقائه كلمة في إحدى الجامعات بولاية يوتا، تحولت القاعة إلى مسرح دموي، منهية بشكل مفاجئ مسار أحد أبرز الوجوه المحافظة المرتبطة بحملة “اجعلوا أمريكا عظيمة مجددا” وبمشروع “Turning Point USA” الذي أسسه وهو في الثامنة عشرة من عمره.
كان كيرك الصوت الأبرز لجيل جديد من المحافظين المسيحيين الذين يرون أن الهوية الأمريكية لا يمكن فصلها عن جذورها “اليهودية ـ المسيحية”.
وقد ركز في خطاباته ومنشوراته على ما اعتبره “حربا ثقافية” حول قضايا الأسرة، الهوية الجندرية، والمناخ، مقدما نفسه مدافعا عن قيم يرى أنها تتعرض للتآكل.
لقد حول كيرك نشاطه إلى ما يشبه حركة دينية ـ سياسية حين أطلق مبادرة “Turning Point Faith”، داعيا القساوسة وقادة الكنائس إلى الانخراط المباشر في السياسة والوقوف خلف التيار الترامبي.
وعمق هذا التوجه الانقسام الأمريكي، إذ اعتبره أنصار التيار الليبرالي محاولة لإضفاء قداسة على خطاب سياسي يميني، بينما احتفى به المحافظون كعودة إلى “المسار الصحيح” لأمريكا.
ويفتح اغتياله في هذا التوقيت الباب أمام قراءات متعددة: فمن جهة، يراه أنصاره شهيدا للمسيحية المحافظة، وضحية لخطاب الكراهية ضد التيار اليميني.
ومن جهة أخرى، يثير الحدث مخاوف من تحوله إلى رمز تعبوي جديد يعزز النزعة التصادمية في السياسة الأمريكية، خصوصا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية.
ويكشف التفاعل الواسع لوسائل الإعلام المسيحية المحافظة، التي سارعت إلى إبراز إيمان كيرك العميق وخطابه الديني، أن اغتياله قد يشكل محطة مفصلية في إعادة تشكيل العلاقة بين الدين والسياسة في الولايات المتحدة.
ويبدو اليوم أن شعار “أمة تحت رعاية الله”، الذي جعل منه كيرك ركيزة خطابه السياسي والديني، مرشحا لاكتساب زخم أكبر بعد رحيله المفاجئ، وقد يتحول إلى شعار تعبوي يعيد رسم حدود العلاقة بين الإيمان والسياسة في الولايات المتحدة.
هل سيؤدي هذا الاغتيال إلى صدمة تدفع الأمريكيين لمراجعة خطاب الانقسام والتعبئة الدينية ـ السياسية، أم أنه سيفتح الباب أمام موجة جديدة من “تقديس السياسة” وتحويلها إلى ساحة صراع ديني مفتوح؟
ما يمكن التكهن به أن مقتل تشارلي كيرك يختصر التوتر العميق الذي يعيشه المجتمع الأمريكي اليوم: صراع بين من يرون الدين مصدرا لوحدة الأمة وهويتها، وبين من يخشون من تحوله إلى أداة للهيمنة والإقصاء.