أكد عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، أن أغلب الأئمة في أوروبا ليس لهم تكوين ديني ويعتمدون فقط على اجتهاداتهم الذاتية، و”حتى من لهم تكوين ديني فهم يفتقدون إلى البعد السوسيولوجي المرتبط بثقافة وحضارة المجتمعات الأوروبية، أو غير متمكنين من اللغات الأوروبية”.
واعتبر الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج أن ذلك يجعلهم غير قادرين على تقديم إجابات مناسبة للشباب المسلم، “مما يدفعه إلى البحث عن هاته الأجوبة اعتمادا على وسائل الأخرى كالإنترنيت مما يجعلهم يتشبعون بخطاب ديني يرفض الآخر ويرفض التعايش ويمرر خطابا متطرفا يصبح مقبولا من هؤلاء الشباب، وقد يدفع ببعضهم إلى الارتماء في حضن الإرهاب”.
بوصوف، الذي كان يتحدث خلال محاضرة ألقاها بمدرسة الحكامة والاقتصاد بالرباط اختار لها عنوان “الإسلام في أوروبا”، شدد على أن التكوين الأكاديمي لرجال الدين المسلمين في أوروبا عليه أن ينبني على الانفتاح على الديانات الأخرى والعلوم الإنسانية والاجتماعية بجميع تخصصاتها، “من أجل القدرة على محاورة الآخر وبلورة مقاربة تشاركية قادرة على تقبل الآخر من دون إقصائه والبحث عن البناء المشترك معه وليس الدفاع عن ديانة ضد ديانة أخرى، أو تبخيس خصوصيات باقي الديانات”.
الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، أكد على الأهمية التي يحتلها الإسلام في النقاشات السياسية والمجتمعية في المجتمعات الأوروبية، مستدلا بنتائج الانتخابات الفرنسية الأخيرة والتي مكنت إيمانويل ماكرون من الوصول إلى قصر الإيلزيه.
وأورد المتحدث أن الانتخابات الفرنسية الأخيرة قدمت نموذجين لمنظور الإسلام في فرنسا، “أحدها يقدمه كمكون من مكونات المجتمع الفرنسي بالنظر لعدد معتنقي الديانة الإسلامية في فرنسا، وتوجه آخر يستخدم الإسلام لبث الخوف والشك في صفوف الفرنسيين”.
واعتبر الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج أن نتائج الانتخابات الرئاسية أكدت ارتباط الفرنسيين بقيم الجمهورية والقيم الكونية عموما، مشددا على كون ذلك يشكل محفزا لمسلمي فرنسا للعمل على تقديم إسلام وسطي معتدل قادر على التعايش جنبا إلى جنب مع باقي مكونات المجتمعات الأوروبية.
وتطرق المحاضر إلى منهجية اشتغال مجلس الجالية المغربية بالخارج على المسألة الدينية منذ إنشائه كأولوية استراتيجية بالنسبة إلى الجالية المغربية في أوروبا.
وفي هذا الإطار، ذكر بوصوف أن الاشتغال على الوضع القانوني للإسلام في أوروبا شكل مستهل التفكير في هذه المسألة، حيث تبين أن دساتير وقوانين الدول الأوروبية بالرغم من اختلافاتها بين التنصيص على العلمانية بتنوعاتها أو حتى التي تعترف بالتوجه الديني للدولة لا تتضمن أي مانع للممارسة الدينية للمسلمين في هذه المجتمعات، بما أن الأمر يدخل في إطار حرية المعتقد؛ إلا أن الواقع يطرح بعض الإشكاليات أمام هذه الممارسة التي تكون عادة بسبب خلفية سياسية أو ثقافية أو إيديولوجية.
وأضاف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج: “صحيح أن غياب الرغبة السياسية لدى المسؤولين في عدد من المدن الأوروبية يفرض على المسلمين شروطا تعجيزية لممارسة ديانتهم، إلا أن المسلمين من جانبهم لا يبذلون مجهودات كافية للعمل على شرح مشاريعهم والترافع من أجلها في المؤسسات الرسمية وطرح النقاش حولها أمام الرأي العام”، داعيا إلى العمل على التوصل إلى اجتهادات فكرية من داخل المنظومة الدينية قادرة على جعل الممارسة الدينية تتأقلم بشكل كلي مع السياق الغربي من دون أن تكون هنالك أي تعارض أو تصادم.
أما بخصوص النموذج الديني الصالح لمسلمي الدول الأوروبية، فقد اعتبر بوصوف أن الدراسات التي اشتغل عليها المجلس واللقاءات التي نظمها في هذا الإطار أبانت عن أن الإسلام مبدئيا ليس له أي مشكل في التأقلم مع المجتمعات غير المسلمة، ولا يمثل أي تعارض مع قيم الديمقراطية والحداثة.
ويسترسل “السياق الأوروبي يطرح أسئلة جديدة على الدين الإسلامي الذي يعيش تجربة جديدة في هذه المجتمعات باعتباره أقلية فيها وليس أغلبية كما هو الشأن في الدول المسلمة”، وهي تجربة يقول بوصوف تجعل من الضروري إبداع إنتاجات فكرية قادرة تأويل النصوص الدينية بحسب السياق الأوروبي، مسجلا النقص الكبير في هذا الإطار.
Source : https://dinpresse.net/?p=13634