بعد أن تورط في القتال ببلاد الشام.. أديب أنور يوضّح لماذا خرج من سوريا؟ (2)

دينبريس
2020-10-23T08:53:26+01:00
آراء ومواقف
دينبريس23 أكتوبر 2020آخر تحديث : الجمعة 23 أكتوبر 2020 - 8:53 صباحًا
بعد أن تورط في القتال ببلاد الشام.. أديب أنور يوضّح لماذا خرج من سوريا؟ (2)

الموقع إذ يفتح صفحاته للشاب أديب أنور، وهو مقاتل سابق بالجبهة السورية، ليحكي عن تجربته ومراجعاته الفكرية والدينية.. يريد بذلك أن يثير الانتباه إلى ملف شائك ومعقد جدا، على المستوى الأمني والقانوني والاجتماعي، وهو قضية المقاتلين العائدين من سوريا.. كثير من هؤلاء تسللوا إلى تركيا أو غيرها من بلدان العالم.. ولا يتصور تسوية وضعهم القانوني إلا بأمرين، إما انتحال هوية غير حقيقية بتركيا أو الترحيل إلى المغرب.. والمصير في الحالتين هو الاعتقال.. يقول أديب أنور: نتمنى أن يتقدم المغرب ببرنامج يعالج ويتفاعل مع كل هذا في إطار احتوائي يتفهم الوضعية وسياقها ويسعى لفتح مكاتب في تركيا نستطيع التوجه إليها لتكثيف الحوارات حول كل ذلك وطرح الحلول.. للإشارة ما يتم التعبير عنه من آراء واقتراحات داخل صفحات “دين بريس” هي خاصة بأصحابها.. ولا تعكس أبدا رأي وموقف الموقع فيما يدرج من قضايا:

…انتابني وقتها شعور عززته الوقائع التي طرأت على مسار الثورة أن السوريين باتوا أحجار شطرنج في لعبة جيوسياسية يديرها الكبار، أصبح الدفع بتجميد الصراع بعد سنوات من القتال بين الطرفين – أو بالأحرى ابقائه في إطار الاستنزاف – بغية الانعطاف نحو التسويات السياسية عنوان المرحلة، ما يعني أن الاجانب الذين التحقوا لتعزيز الجانب العسكري وغيره لا دور لهم في المستقبل، إلا إن يتم إعادة تدويرهم في إطار تصفيات تأخد شكل معارك مفتعلة أو استهداف مجاني من طائرات الموت (الدرونز) أو تحريك مكونات الشعب ضدهم من خلال التركيز على بعض الوقائع او السلوكيات التي صدرت منهم: التشديد في مسائل محاربة مظاهر التبرج والاختلاط والتصرف بمفاهيم ذات طابع شرعي لا يستوعبها الواقع السوري مما أربك العلاقة بينهم وجعلها تأخذ طابع النفاق الإجتماعي.

تبقى في رأيي قضية إقحام الدين او بالأحرى تطبيق الشريعة وتوظيفها في الصراع على مطالب اجتماعية انطوى تحتها السياق الثوري العام هو التنور الذي طبخ عليه كل تعقيدات المشهد السوري فعلى أساسه برزت جملة من المعضلات كالطائفية التي تغذى عليها النظام وسقط ضحيتها واستدرج على أساسها الكثير لتسخين الجو العام بين شعب واحد يتقاسم التاريخ والجغرافية والآلام والآمال؛ أضفت المجموعات الإسلامية المتشددة ذات البعد الوهابي على “بشار الاسد” صفة حامي الطوائف والمنطقة من خطر الإرهاب ما جعل أفعاله ضد الأبرياء (الاعتقالات التعسفية والتعذيب ووو) تأخذ طابعا تبريريا في الاوساط الإقليمية والدولية، كما تم توظيف جملة من المقولات الشرعية (الولاء والبراء) لضرب بقية المكونات الثورية ما عزز تأجيج الصراع داخل الجيوب الثورية بحيث فقدت تماسكها وثقتها في نفسها؛ تولد عن ذلك فقدان ثقة الشعب من نجاح الثورة وتزايد احباطهم من كل ماله علاقة بالثورة وبات بالنسبة لهم كل هذا شؤما على مستقبلهم ومستقبل ابنائهم تسبب فيه هؤلاء المخابيل!!

برأيي عدم إبقاء الأزمة في إطار سياسي واختراق الثورة من جهات مشبوهة – كما أثبتت ذلك التسريبات الأخيرة بتورط بريطانيا – فرضت رؤيتها على شعب مغيب وأسير لثقافة ومفاهيم: “باب الحارة” وغير متشبع قياديا بمفاهيم النضال والثورة التي عرفها التاريخ المعاصر جعلها تكون من افشل الثورات…

كانت الانتفاضات الشعبية عام 2011، لأسباب اقتصادية واجتماعية في الأساس. لقد كانت حركات عفوية، أي بدون نخب أو منظمات سياسية. لقد عبروا عن المشاكل الحقيقية للبلد، لكنهم لم يتمكنوا من صياغة بديل. احتلت القوى السياسية المنظمة هذا الفراغ بطبيعة الحال، اعتمدت في بقائها على الخارج الذي لا يتحرك إلا ضمن مصالحه ورؤية مسبقة لا تعكس بالضرورة مطالب الثورة او الآليات الفعلية لإنهاء الأزمة على كافة المستويات؛ وبالتالي تولد عن ذلك استياء شعبي وثوري من الأفق السياسي للمعارضة يفقدها فرصة توحيد النسيج الثوري على الاقل جزء كبير منه، في ضل مواجهة قوة سياسية منظمة وموحدة تتوازى مع سير المعارك.

في بيئة ثورية تتقاسمها مجموعات غالبًا ما تكون في منافسة وأحيانًا في صراع مفتوح ومتصاعد، لأجل مكاسب ضيقة أو مصدر مادي هنا وهناك أو بسبب اختلافات إيديولوجية، ينتج على أثره جملة من الأزمات الداخلية التي تتخمر حتى تنفجر في شكل مواجهات دامية تنتهي باستئصال الطرف الأضعف تحت مبررات شرعية ومصلحية.

تعتبر تجربة السجن عملة ذات قيمة في عملية الوصول لمراتب حساسة في القيادة والإدارة دون مراعاة لبقية الشروط المفترض توفرها في الإتقان والانجاز، يفسر هذا كثرة الأسماء التي برزت في السياق القيادي أغلبهم من ذوي السوابق السجنية سواء في سوريا أو العراق، فلحقت معهم تلك النقاشات الفكرية والمنهجية التي كانوا يتشاحنون لأجلها في صورة من التباعد واللاوحدة، التي طالما تساءل الشعب عن مبرراتها دون جواب مقنع بل ساهموا في الاستقطاب وتفريق أنصار الثورة ليضربوهم ببعض بعد ذلك، ما يوحي بخلل على مستوى التصور لدى تلك القيادات!

من الملاحظ عشوائية مفرطة في العمل العسكري طيلة المسار الثوري راح ضحيتها الكثير من الأرواح دون تعرض المتسبب لآلية مساءلة صارمة او أو بالأحرى وجود سقف عسكري يراقب ويحاسب! ناهيك عن غياب لجنة تضبط قضية الدعم المالي المتدفق للداخل وفق معايير صارمة تراعي الأولويات والجهات المستحقة. حجر الزاوية في كل هذا أنه بانطلاق الثورة تحركت المشاريع المختلفة، الكل سارع لخدمة أجندته الخاصة به بغض النظر عن واقعية المرحلة وتغيرات المستقبل. دخل العامل الخارجي بغطاء إنساني لكسب ولاء داخلي لتصفية حساباته مع بعض الاطراف في الداخل بعد ذلك على حساب مستقبل المنطقة وعلاقات شعوبها /غصن الزيتون وتبع السلام/(الأكراد والعرب).

يمكنني القول إن الأتراك والروس وجهان لعملة واحدة في سعي حثيث لاحتواء الوضع وتداعياته ضمن خطة سياسية تضمن حماية الأمن القومي لكلا الطرفين مع بعض النفوذ العسكري الا ان يتم توحيد البلاد بعد الاتفاق الكردي الروسي.

خرجت باحثا عن أفق الفكرة التي لم أجد لها مكانا في بيئة الجهاد والمجاهدين أصحاب العزائم لكنها عزائم تم احتواؤها في سياق سياسي وتوجيهها لتصفية حسابات الآخرين بواسطة تلك البنادق التي فقدت البوصلة فأصبحت الرياح هي من يحدد وجهتها بعد ذلك، لأني فقدت الثقة في فتاوى وأطروحات سياسية وتحليلات وظفت في التجييش وارسال الشباب الأغرار ليخوضوا حروبا بالوكالة.

أدركت أننا مجرد عامل لتقسيم الخرائط وإعادة ترتيبها وفقا لمطامح الآخرين، تنبهت إلى خطورة الجانب الديني وإمكانية توظيفه في خلق جو معين باعتبار مكانته الروحية لدى المسلمين وتأثيره في العواطف، تغيرت نظرتي لأولئك الذين تمظهروا بالدين من شيوخ ودعاة وتساءلت ماذا نخسر بابتعادهم عن حيز التوجيه اعتقد لا شيء، سنعتمد أكثر على أنفسنا ونستفيق من التخذير الذي مارسوه على العقول، الآراء المخالفة تتطلب تأمل منك أكثر من تلك التي تتفق معك فلعل صوابها يتبين لك مع مضي الزمن.

الإعلام خادم للسياسة وليس لتوعية الانسان فأغلب القنوات العربية منخرطة في لعبة قذرة لتغييب وتزييف الحقائق، لا تأبه الحروب لصوت الإنسانية ودموع الضعفاء ما يهمها كيف تعيد بناء الواقع وسلب الإرادة لدى الطرف المقابل ولتذهب حقوق الإنسان إلى الجحيم.

أدركت حقارة القرار السياسي لما بدأت أتعمق في ما قامت به المملكة المغربية من فتح أبوابها للشباب الذي تمت تغذيته ايديولوجيا وتجهيله سياسيا وتأزيمه نفسيا وتوجيهه إعلاميا للذهاب إلى بلد يبعد عنهم الآلاف الأميال لخوض صراع لا يتعلق بهم والدخول في قضية لا تعنيهم! ثم لماذا لما سمحوا بالخروج صادقوا بعدها على قانون جديد بمنع الدخول؟ هل أراد المغرب تصفية حساب قديم مع النظام السوري بإرسال أبنائه أو تفريغ البلد من فئة تعتبر مصدر قلق؛ تساؤلات تقفز كلما قلبت جوانب الموضوع.

رغم ظروف الواقع في بلد العثمانيين بالنسبة للعائدين من سوريا، هناك جملة من الأمور على رأسها قضية تسوية الوضع القانوني، وهو لا يتصور إلا بأمرين انتحال هوية غير حقيقية أو الترحيل في حال تم الإمساك بك على أساس هويتك الحقيقية ما يعني أن تسجن في المغرب بعيدا عن أبنائك الذين ستتركهم للمجهول.

لا يوجد إطار داخلي في سوريا أو تركيا يمكن اعتباره معني بهذه القضايا المتعلقة بفئة ضحت الكثير مقابل أن يتم تشريدها مع أبنائها.. نتمنى أن يتقدم المغرب ببرنامج يعالج ويتفاعل مع كل هذا في إطار احتوائي يتفهم الوضعية وسياقها ويسعى لفتح مكاتب في تركيا نستطيع التوجه إليها لتكثيف الحوارات حول كل ذلك وطرح الحلول…

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.