أكد المشاركون في المنتدى السنوي الخامس لمركز “تريندز” للبحوث والاستشارات، الذي انعقد أخيرا بأبوظبي تحت عنوان “مشتركات العنف: مقاربات حديثة لأنماط التطرف المؤدلج”، أن مواجهة التطرف لا يمكن أن تنجح بالاعتماد على المقاربة الأمنية فقط، بل تستوجب رؤية شمولية متعددة المستويات تشمل الجوانب الفكرية والاجتماعية والثقافية إلى جانب احترام قيم الديمقراطية وسيادة القانون.
وشدد المنتدى، الذي نُظم تحت شعار “معاً نجابه التطرف بالمعرفة” وبحضور مسؤولين وخبراء وأكاديميين من عدة دول، على ضرورة التمييز بين المظالم الحقيقية وبين استغلالها أيديولوجيا، وفتح مسارات بديلة تمنح الشباب فرصا للمشاركة والابتكار، مع تحصين المؤسسات التعليمية من التدين الحركي عبر إدراج مهارات التفكير النقدي ومواجهة السرديات المبررة للعنف.
ودعت التوصيات إلى تعزيز التماسك الاجتماعي باعتباره خط الدفاع الأول ضد خطابات الكراهية، وإرساء تشريعات واضحة للفصل بين الديني والسياسي، ومنع توظيف الدين في المكاسب الحزبية.
كما ركز المشاركون على أهمية التصدي للمحتوى المتطرف عبر الإنترنت، من خلال التعاون بين الحكومات وشركات التكنولوجيا والمجتمع المدني، وإطلاق حملات رقمية تعزز قيم التعددية والمواطنة.
وأجمع المتدخلون على ضرورة محاسبة جميع الجهات، دولا كانت أو تنظيمات، التي تمارس العنف المؤدلج، وفق القانون الدولي، لكسر دائرة الإفلات من العقاب.
وأكدوا أن بناء مجتمعات قوية قادرة على مواجهة الدعاية المتطرفة، وتطوير ميثاق للمنابر والعمل الخيري، وإنشاء شبكات إنذار مبكر لرصد الخطاب المتشدد، واعتماد برامج لإعادة تأهيل المتطرفين السابقين، يمثل ركائز أساسية لمكافحة الإرهاب الفكري.
وأكدت الكلمات والمداخلات أن جماعات الإسلام السياسي تمثل نموذجا بارزا لتوظيف الدين في الصراعات السياسية، مستفيدة من الثورة الرقمية لتوسيع نفوذها، فيما شدد خبراء على أن هذه الحركات تشترك في بنية فكرية مغلقة تدّعي امتلاك الحقيقة وتستعمل خطاب المؤامرة، مع توظيف المؤسسات التعليمية والخيرية في خدمة أهدافها.
وخلص المنتدى إلى أن مواجهة الظاهرة تستدعي جهودا جماعية تدمج البحث الأكاديمي بالسياسات العامة والإرادة السياسية والتقنية الحديثة، من أجل إنتاج خطاب بديل قائم على التعايش والسلام، ومواجهة سرديات العنف بخطاب إنساني قادر على استقطاب الأجيال الجديدة.
ــــــــــــ
الصورة من وكالة وام