القطاع السياحي في المغرب: رؤية غير واضحة ونتائج هزيلة

دينبريس
2023-09-18T07:46:02+01:00
تقارير
دينبريس18 سبتمبر 2023آخر تحديث : الإثنين 18 سبتمبر 2023 - 7:46 صباحًا
القطاع السياحي في المغرب: رؤية غير واضحة ونتائج هزيلة

تقرير من إنجاز : أحمد الجابري ـ أمين عام النقابة الوطنية الحرة للمرشدين السياحيين المعتمدين بالمغرب
في الوقت الذي تحقق فيه بلدان منافسة سياحيا كإسبانيا وتركيا مثلا أرقاما قياسية من حيث عدد السياح الوافدين عليها، ما زلنا نقبع مع الأسف في مراتب متأخرة وما زلنا بعيدين كل البعد عن تحقيق الأهداف المسطرة في كلا المخططين « رؤية 2010 » و « رؤية 2020 » اللذين اتسما بقصر النظر والضبابية وباءا بفشل ذريع لتعلق الآمال من جديد على رؤية طوباوية أخرى اصطلح على تسميتها ب “مخطط إنعاش القطاع السياحي” تروم استقطاب 26 مليون سائح في أفق سنة 2030 وفقا لتصريحات وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور.

فبالرغم من العدد الكبير من المؤهلات التي يزخر بها المغرب من موقع استراتيجي هام ومناظر خلابة وتاريخ ضارب في القدم واستقرار وأمن سياسيين، عائدات البلد من القطاع السياحي لا ترقى إلى تطلعاته وتبقى الأرقام هزيلة وجد محتشمة بالنظر إلى عدد السياح الذين يزورونه سنويا – ما يقارب 11,5 مليون سائح سنويا حتى نبقى جد متفائلين – في حين يتجاوز العدد 70 مليوناً في إسبانيا ويتعدى 50 مليوناً في تركيا.

هزالة النتائج المحققة في قطاع من المفروض أن يشكل قاطرة للتنمية وأن يحقق إقلاعا إقتصاديا كونه مصدرا هاما للعملة الصعبة، تدعو لا محالة إلى طرح العديد من الأسئلة حول الأسباب وراء تعثر الصناعة السياحية بالمغرب. وحينما نقول “صناعة” فالقطاع برمته مطالب باعتماد مجموعة من المخططات والتزود بمجموعة من الميكانيزمات لضمان مردوديته وتنافسيته ومسايرته لكل التغيرات التي قد تؤثر عليه سواء سلبيا أو إيجابيا، إذ تعد السياحة من القطاعات الأكثر حساسية وهشاشة وتأثرا بالظروف السياسية والاقتصادية وحتى المناخية والصحية.

فكلنا ما نزال نتذكر على سبيل المثال حرب الخليج في تسعينيات القرن الماضي (من 2 غشت إلى 1990 إلى 28 فبراير 1991) والعطل الذي سببته للسياحة لأشهر عديدة، ثم بركان آيسلندا الذي شل حركة الملاحة الجوية سنة 2014 لما يزيد عن أسبوع مكلفا شركات الطيران ومعها السياحة خسائر مادية جسيمة، وحتما لن ننسى قط جائحة كوفيد 19 تلك الطامة الكبرى والنكبة التي ألمت بالقطاع السياحي على وجه الخصوص مكبدة إياه وطنيا خسارة تقدر ب 90 مليار درهم (9،54 مليارات دولار) من إيرادات السياحة الخارجية بالعملة الصعبة خلال العامين 2020 و 2021.

فما الذي يا ترى يعيق إقلاع السياحة في المغرب ؟ وما السبيل أو السبل لتصحيح مسار قطاع يشغل بصفة مباشرة ما يزيد عن 000 548 عامل وعاملة (ما يمثل 5% من الساكنة النشيطة) و حققت عائداته من العملة الصعبة 81،7 مليار درهم (وهو ما يعادل 8 مليار دولار) خلال سنة 2022، أي بنسبة إسهام في الناتج المحلي الخام تناهز 7 ٪؜ ؟

أسئلة وأخرى سأحاول الإجابة عليها في هذا التقرير الذي يعد عصارة لملاحظات و حليلات واستنتاجات تروم تزويد كلا من ذوي القرار والعاملين في القطاع السياحي وكذا القطاعات الأخرى المرتبطة به سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة بمشروع خارطة طريق يمكن اعتمادها كأساس لوضع مجموعة من الاستراتيجيات العقلانية والواقعية المسايرة والمواكبة لانتظارات وتطلعات السياح على اختلاف مشاربهم.

الصناعة السياحية في المغرب :
١. الإكراهات و معيقات النمو

لعل ما يعيق تحقيق التطوير الفعلي للصناعة السياحية في المغرب هو :

1. غياب استراتيجية شمولية ناجعة وفعالة يتم إعدادها من لدن الوزارة الوصية على القطاع بمعية باقي مهنييه في إطار الشراكة التي لطالما لوحت بها أجهزة الوزارة كشعار إشهاري وفي إطار «البروباغاندا» فقط دون تفعيله. فكلنا نعلم أن وزارة السياحة تلجأ إلى الاستعانة ب “خبرات” مكاتب الدراسات – خصوصا الأجنبية – مخصصة لها أغلفة مالية هامة لكن دون جدوى بدليل أن السياحة في المغرب حاليا على شفا السكتة القلبية. ويشترط في الاستراتيجية المتوخاة أن تحدد مكامن الضعف في كل مكونات ما اصطلح على تسميته سياحيا ب “سلسلة القيم” وأن تقف عند كل واحدة بحدة بالدرس والتمحيص لإيجاد حل لها.

2. افتقار المكتب الوطني المغربي للسياحة إلى الإبداع في مقاربته التسويقية للمغرب كمنتوج سياحي ذو جودة عالية تضمن تموقعه في خانة البلدان السياحية الرائدة عالميا.

3. عدم انفتاح معظم مندوبيات وزارة السياحة والمجالس الجهوية للسياحة والمجالس الإقليمية للسياحة والمجالس الجماعية على محيطها والاكتفاء بالتالي بالقيام بالمهام الإدارية الروتينية العقيمة.

4. مظاهر الانشقاق والتفرقة التي تطبع كل مكونات سلسلة القيم المذكورة أعلاه. وهي مظاهر يعزى مجملها إلى الصراع الأزلي حول “الكراسي” وانعدام الخبرة والكفاءة في التدبير وغياب برامج عمل كفيلة بتحديد الأولويات والانكباب على دراسة المشاكل الآنية وحلها وضمان مصالح المهن المعنية.

5. تردي خدمات شركة الخطوط الملكية المغربية للطيران حسب شهادة جل مستعمليها واقتصار الربط الجوي الذي توفره على بعض المدن العالمية مما يسفر عن كسب فائت ضخم.

6. رداءة الخدمات سواء عند نقاط العبور البري أو داخل المطارات المغربية والطوابير اللامنتهية وبطء إجراءات الدخول الى المغرب.

7. عدم وعي ساكنة جل المدن السياحية بأهمية القطاع وبضرورة توفير الجو الملائم للسائح وإرضائه للإسهام في تنمية هذا القطاع الحيوي وضمان سيرورته واستمراره.

8. الممارسات المشينة وغير الأخلاقية التي لا تمت بصلة للمبادئ والقيم وتخلف انطباعات سيئة لدى زوار المغرب مما يسيء الى سمعة البلد كوجهة سياحية تروم التصنيف ضمن الأفضل في العالم. فمعاناة السائح تبدأ منذ أن تطأ قدماه المطار حتى عودته إليه بعد انتهاء عطلته؛ معاناة مع سيارات الأجرة التي تفرض تسعيرة خيالية سواء للنقل من المطارات الى الفنادق أو للتنقل داخل المدن ناهيك عن انتحال سائقيها للعديد من المهن كمهنتي المرشد السياحي والوسيط العقاري ومهن أخرى يندى الجبين لذكرها وهو ما يشكل ضربا سافرا لميثاق سلوك هذه المهنة؛ معاناة مع حشود منتحلي مهنة المرشد السياحي مغاربة وأجانب على حد سواء والشباب العاطل والمنحرفين المتربصين بالسياح في أحياء وأزقة وأسواق المدن السياحية حيث يكاد ينعدم الأمن بالرغم من العدد المتزايد لدور الضيافة بها؛ معاناة مع الباعة سواء المستقرون منهم أو المتجولون داخل الأسواق وخارجها. معاناة مع ممتهني الفرجة وبلطجية أكشاك الطعام في ساحة جامعة الفنا مثلا. معاناة كذلك مع حشود المتسولين وسائقي السيارات والدراجات العادية والنارية المتهورين.

9. رداءة الخدمات داخل الفنادق حتى المصنفة منها إما لضعف تكوين مستخدميها أو لغياب برامج التكوين المستمر وانعدام سياسة التحفيز أو لكل هذه الأسباب معا.

10. إعتماد وكالات الأسفار المغربية نفس البرامج والعروض السياحية الكلاسيكية والنمطية التي لم تعد تستهوي إلا القليل من السياح. برامج أقل ما يقال عنها أنها “منتهية الصلاحية” ولا تعكس بثاثا تنوع المنتوج السياحي المغربي ولا تضمن ما يسمى “السياحة المنصفة” و “السياحة المستدامة” بالنظر إلى ما يزخر به المغرب من مناطق لا تخلو من جاذبية من شأنها تشكيل قيمة مضافة بالنسبة للسياحة واستقطاب المزيد من السياح غير أنها مع الاسف تعاني من التهميش والهشاشة وأغلب الظن أن وكالات الأسفار تجهل تواجدها.

هذا ناهيك عن لجوء معظم وكالات الأسفار إلى الاستعانة – موسميا أو كلما دعت الضرورة إلى ذلك – بخدمات مرشدين سياحيين غير أكفاء ولو “غير المرخصين” منهم بذريعة تخفيض التكلفة إذ يعتبر هامش الربح في هذه المقاربة الهاجس الأسمى والوحيد و أولى الأولويات، وهو ما يؤثر سلبيا على الأداء العام ويخلف انطباعا سيئا لدى السياح ويحول دون تحقيق ما اصطلح على تسميته في لغة التسويق ب “التحفيز على العودة” “effet de retour ” و “تأثير التوصية” “effet de recommandation”. ويعتبر هذان العنصران – إذا ما توفرا – مؤشرين على “صحة وسلامة” السياحة وقد يغنيان عن الحملات الاشهارية الصاخبة المباشرة أو غير المباشرة التي قد لا تؤدي في معظم الأحيان الغاية المنشودة منها.

11. تدني خدمات الإرشاد السياحي بسبب سياسة إغراق الوزارة الوصية للمهنة بوافدين جدد تفتقر أغلبيتهم الساحقة إلى النضج والخبرة الميدانية والمستوى الثقافي والمعرفي والفكري الذين تقتضيهم المهنة علما أن الولوج إلى المعلومة أصبح اليوم أمرا هينا بفضل الإنترنت مما يبرر تغيير سلوك السائح “changement comportemental du touriste” وتشعب وتعقد متطلباته وانتظاراته. وبالتالي فإن المرشد السياحي أصبح مطالبا أكثر مما مضى بمواكبة هذه التغيرات والتماشي معها عن طريق المطالعة والتكوين المستمرين والانفتاح على ثقافة الغير واستيعابها والنهل منها وهو ما لا يتأتى إلا لمن لديه أولا وقبل كل شيء رصيد لغوي هام ثم الرغبة الملحة في تحيين معلوماته وتجويد خدماته للرقي بها إلى تطلعات السائح ليستحق بالتالي لقب “السفير” الذي منحه إياه الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه.

والملاحظ أن جل المرشدين السياحيين القدامى ممن يدعون الخبرة الميدانية والكفاءة المهنية غير مؤهلين مع الأسف الشديد للقيام بمهامهم وفقا لمعايير الجودة السالفة الذكر التي تقتضي أيضا التحلي بمكارم الأخلاق و مقدارا عاليا من اللباقة والديبلوماسية وهنداما لائقا. ولعل عبء ما يشوب مهنة الإرشاد السياحي لا يقع على المرشد السياحي وحده خصوصا أن الوضعية المزرية الراهنة تلزمه على التركيز على تطوير أساليب – حتى الملتوي منها – لكسب لقمة عيشه وسد رمق من يعيل في جو تطبعه الفوضى العارمة والمنافسة الشرسة وغير الشريفة وفي غياب برنامج حكومي لضمان ورعاية كرامته وحقوقه اعترافا بمساهمته الفعلية والفعالة في التنمية الاقتصادية والخدمات الجليلة التي ما فتئ يسديها للبلد في إطار ما يسمى بالدبلوماسية الموازية.

هذا ناهيك عن المشاكل الهيكلية والتنظيمية المتمخضة عن ضعف الجامعة الوطنية للمرشدين السياحيين وكذا الجمعيات المنضوية تحت لوائها في عدم قدرتها على توحيد صفوف مهنيي القطاع وصياغة نموذج استراتيجية لحماية المهنة والسهر على تفعيلها واقتراح برامج للتكوين المستمر أو إعداد مجرد مدونة أخلاقيات المهنة تمكن المرشدين السياحيين من تفادي الوقوع في الأخطاء المهنية.

ولعل ما يثير الاشمئزاز والاستغراب في آن واحد هو التناقض والعشوائية الذان طبعا تنزيل وتفعيل القانون 12-05 الذي يروم تنظيم المهنة حسب منظريه ومشرعيه والذي كان ولا يزال محل انتقادات لاذعة نظرا لهفواته وكبواته ولجو الفوضى و التطاحن الذي بثه في مهنة الإرشاد السياحي. وأغلب الظن أن وضع القانون المذكور أعلاه يدخل في إطار “خدمة الأجندات السياسية” التي ارتأت أن تخلق فرصا للشغل لغاية في نفس يعقوب لكن دون مراعاة للمقترحات والتوصيات الرامية أساسا إلى تقنين وتجويد مهنة الإرشاد السياحي والرقي بها وفقا لما اتفق عليه من طرف المديرية المعنية في وزارة السياحة وممثلي المرشدين السياحيين في العديد من اللقاءات والموائد المستديرة.

12. إقتصار أرباب النقل السياحي على تجديد وتحديث أساطيلهم دون عناية أغلبيتهم بالعنصر البشري الذي يلعب دورا هاما في إنجاح الترويج للمغرب كوجهة سياحية. فمعظم السائقين العاملين بهذا القطاع إما أميون أو لا يتوفرون على مستوى دراسي يخول لهم التواصل مع السياح الذين تسند إليهم مهمة نقلهم سواء داخل المدن أو خلال الجولات السياحية التي قد تدوم لأزيد من أسبوعين، في الحين الذي يقوم فيه السائقون “المتعلمون” إبان مثل هذه الجولات التي تستغني فيها بعض وكالات الأسفار عن خدمات المرشد السياحي بانتحال مهنة هذا الأخير مما لا يخدم سمعة السياحة بالمغرب، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار نوعية المعلومات التي يزود بها السائق السياح وصحتها ودقتها ومدى تأثيرها على انطباعاتهم بالإضافة إلى سلوك بعض السائقين المتناقض مع اللياقة والمتنافي مع الأعراف والتقاليد المعمول بها في بلدنا وهو ما يعزى إلى انعدام مدونة أخلاقيات المهنة تحدد واجبات و مسؤوليات سائقي النقل السياحي وتنص على ضرورة ارتداء زي مميز أو على الأقل العناية بالهندام.

13. تنامي وتفاقم عمليات النصب والاحتيال والنشل والسرقة والمضايقات والتحرش والاعتداءات اللفظية والجسدية على السياح.

14. افتقار البنية التحتية حتى في كبريات المدن المغربية إلى المرافق الصحية وأكشاك المعلومات خصوصا في ما يسمى بالمدارات السياحية والشوارع الرئيسية مما ينم عن عدم وعي المجالس الجماعية بأهمية السياحة كرافعة اقتصادية و تنموية.

15. تفاقم ظاهرة المرائب المسند تسييرها إلى “البلطجية” الذين يعرضون مستعمليها للاستفزاز والمعاملة السيئة الي تصل إلى حد التعنيف اللفظي والجسدي مما يشكل وصمة عار على المجالس الجماعية و ينفر السياح من العديد من المدن، السياحية منها على وجه التحديد.

ب. السياحة الداخلية أو طوق النجاة المثقوب:

في محاولة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والتخفيف من حدة الانتكاسات والأزمات الخانقة التي تعصف بالقطاع السياحي بين الفينة والأخرى والخسائر الفادحة التي تلحقها به -وما جائحة فيروس كورونا المتجدد إلا خير دليل على ذلك- تعمد الدولة الى تبني مجموعة من التدابير أبرزها وأقدمها على الإطلاق اللجوء الى السياحة الداخلية التي لطالما ضخت الدماء في جسم السياحة العليل والجريح في محطات عديدة حرجة من حياته التي يطبعها عدم الاستقرار والهشاشة بالنظر لتأثرها السريع بالتقلبات والأزمات سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو صحية أو مناخية أو كوارث طبيعية.

السياحة الداخلية إذا شكلت ولا تزال سفينة نوح التي يتم اللجوء إليها كلما اجتاح طوفان أزمة قطاعا يسمى عبثا أو رغبة في إضفاء صبغة المناعة عليه ب “الصناعة السياحية”، علما أن حمولة كلمة “صناعة” ليست بالهينة كونها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بجملة من المعايير كالاستراتيجية والتقنية والجودة والتنافسية ومواكبة تغيرات السوق الدولية لملاءمة العرض مع الطلب واستقطاب المزيد من الزبناء وتوطيد وزيادة حصة السوق والقيمة المضافة.

وحتى يبقى تحليلي لصيقا بواقع هذا القطاع الحيوي والعليل في آن واحد في بلدنا، فالتدابير العقيمة المتخذة لانقاذه خلال الأزمات تصب في اتجاه واحد : إنعاش السياحة الداخلية على اعتبار أنها قارب النجاة أو لنقل طوق النجاة الوحيد الذي يعول عليه كلما غرقت سفينة السياحة أو أوشكت من الغرق. ولعل ما يميز قرارات الدولة هو الارتجال والعشوائية اللذان ينمان عن غياب استراتيجية ممنهجة استباقية لمساعدة قطاع السياحة للخروج من المآزق والنكبات التي كادت تصير موسمية؛ استراتيجية أو -لم لا- ترسانة من الحلول البديلة التي من الواجب الانكباب على إعدادها بصفة استباقية تحسبا لاندلاع أزمة أو أزمات جديدة.

فحري بوزارة السياحة والمكتب الوطني للسياحة ومنظريهما والمجالس الجهوية للسياحة الاشتغال على تصور زمرة من السيناريوهات والمقترحات والتوصيات بمعية تمثيليات كل القطاعات التي تشكل ما اصطلح على تسميته ب “سلسلة القيم” في إطار مقاربة تشاركية دائمة و مستدامة تروم تحصين السياحة من تداعيات الأزمات الدورية التي تعصف به عوض الاستمرار في سياستها المتميزة بغشاوة الرؤية والتكتم و الإبهام والسيناريوهات الواهية التي ربما لا وجود لها إلا في مخيلة شخص أو أشخاص لا يأبهون لا بالسياحة ولا بمصير ملايين المغاربة الذين يعتمدون عليها سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة كمصدر للعيش و لإعالة عوائلهم.

ولعل الأسئلة الأربعة التي تطرح نفسها بإلحاح هي : أولًا، هل من المعقول أن نعول على السياحة الداخلية لإنعاش قطاع شامل يضم العديد من الأطياف المتداخلة علما أن جائحة كورونا وما رافقها من ارتفاع مهول لنسبة التضخم والأسعار أنهكت القدرة الشرائية لشريحة عريضة من المغاربة -تضم ما يسمى ب “الطبقة الوسطى”- الذين صار همهم الوحيد هو سد الرمق و تسديد الفواتير والكمبيالات والديون العديدة المتراكمة ؟

ثانيا، هل تتصور الحكومة فعلا ومعها وزارة السياحة أن تقضي الطبقة الميسورة عطلتها الصيفية في المغرب عوض قضائها مثلا في الدول المجاورة المطلة على البحر الأبيض المتوسط علما أنه لا مجال للمقارنة بين عروض و خدمات هذه الأخيرة مع عروضنا التي تشكو من قصور إبداعي و حداثي وخدماتنا المتدنية لأسباب متعددة ومتشابكة ؟

ثالثًا، بما أنه، استنادا الى أبجديات التسويق، تعتبر الدراسات الميدانية ضرورية وذات أهمية قصوى في تحديد نوعية العروض وأثمنتها مع مراعاة تجزئة الفئات قبل استهدافها، هل يتم قط احترام هذه المعايير قبل اقتراح حزمة العروض على المستهلك أو السائح المغربي ؟

رابعًا، إلى أي حد تراعي العروض المقترحة الظرفية الاقتصادية الراهنة بالنظر إلى تأثيرها السلبي على الميزانية التي تخصصها الطبقة الوسطى عادة للسفر والاستجمام، وهل تستجيب لمتطلبات هذه الأخيرة باعتماد مقاربة الطلب أولًا ثم العرض؟

أسئلة وأخرى قد لن نجد لها حاليا أجوبة تشفي الغليل وتثلج الصدور ما دامت الحكومة المغربية لا تولي القطاع السياحي الاهتمام والعناية اللائقين به، وبالتالي تتسب في تفاقم الخسارة في الأرباح “Le manque à gagner” لفائدة الدول المنافسة التي ترصد له إمكانيات مادية وبشرية هائلة، هذا بالإضافة الى كون إدارة دفة الوزارة الوصية تسند إلى أشخاص لا يمتون بصلة للسياحة في إطار التوزيع غير المعقلن للحقائب الوزارية مما يكرس ما يسود من كآبة وكساد وعدم اطمئنان وتخوف من المستقبل ومن هاجس شبح البطالة الذي يلقي بظل قاتم كثيف “ذي ثلاث شعب” على قطاع سياحي وهن وواقعه مر وبشع مهما تعددت مساحيق التجميل الزائفة المستعملة بين الفينة والأخرى لإخفاء وطمس معالم ذلك الوهن وتلك البشاعة. والوضع على ما هو عليه، لا يسعنا إلا اعتبار طوق النجاة الذي يعول عليه للخلاص مثقوبا لينطبق على قطاع السياحة المثل العربي الشهير “تمسك الغريق بقشة” في مشهد درامي يذكر بغرق قوم نوح.

ج. سبل الإقلاع والتنمية:

إن بث دينامية وتحقيق طفرة في الصناعة السياحية في المغرب رهين بتخطي كل المعيقات التي استعرضت سابقا. فالاقلاع بهذا القطاع يبقى لاريب وقفا على:

● الإدراك الحقيقي لأهميته كقاطرة للتنمية؛
● الإرادة الفعلية للنهوض به كمورد هام للعملة الصعبة وكقطاع يساهم في خلق فرص الشغل؛
● القطيعة مع الأساليب المتجاوزة والعقيمة التي تطبع تدبيره؛
● العمل على إيجاد حلول ناجعة لكل المشاكل التي يتخبط فيها وتحول دون تنافسيته كمنتوج ودون تموقع المغرب ضمن أفضل الوجهات السياحية العالمية بالرغم من تعدد وتنوع مؤهلاته.

وفيما يلي بعض المقترحات التي تروم وضع الأمور في نصابها وإحداث تغيير حقيقي وجذري من شأنه الإسهام في تقويم اعوجاج القطاع السياحي بكل مكوناته :

1. اعتبار الصناعة السياحية مشروعا تنمويا وطنيا و إسناد مهمة إعداد الاستراتيجيات والمخططات القطاعية والسهر على تفعيلها وتتبع الإنجازات إلى فريق تفكير محترف بمشاركة ممثلي مهنيي القطاع. للتذكير فقط فإن عدد السياح الوافدين على بلادنا والذي لا يتعدى 11,5 مليون سائح على أبعد تقدير يبقى مؤشرا واضحا على سقم ووهن القطاع السياحي نظرا للهوة السحيقة التي تفصل بين الدراسات و الاستراتيجيات السوفسطائية المعتمدة لحد الآن من طرف الوزارة الوصية والمخططات الواقعية والبراغماتية التي تستلزمها مواكبة متطلبات وتوجهات وتغيرات هذا القطاع الحساس.

2. إعادة هيكلة المكتب الوطني للسياحة وإضفاء نفس جديد فيه عبر الاستثمار في الطاقات الشابة المؤهلة والقادرة على رفع التحدي وخلق طفرة في مهمة هذا الجهاز بابتكار تقنيات تسويقية وترويجية ملائمة للمغرب كمنتوج سياحي له خاصياته ومميزاته، ثم الانفتاح على أسواق جديدة مع مراعاة تكييف الاستراتيجيات التي يتم وضعها مع متطلبات كل سوق على حدة.

3. إعادة هيكلة المندوبيات الإقليمية والجهوية لوزارة السياحة وتحديث أساليب وتقنيات عملها وبث دينامية جديدة فيها وجعلها أداة فعالة لجس نبض القطاع السياحي والإحاطة بمشاكله وتوجهاته ومتطلباته الآنية عن طريق التواصل والتشاور المستمرين مع كل فعالياته مما سيمكن هذه المندوبيات من تزويد المديرية المعنية بالمعطيات والبيانات والتقارير لتمكينها من صياغة استراتيجيات دقيقة، واقعية، ذكية وقابلة للتعديل كلما دعت الضرورة الى ذلك.

4. خلق مجلس أعلى للسياحة يشكل ممثلو جميع مكونات القطاع السياحي أو سلسلة القيم مورده البشري الذي سيسهر على إعداد برنامج عمل مشترك وعقد موائد مستديرة بانتظام لتدارس الأحوال و المشاكل والاكراهات القطاعية وخلق لجن للتتبع؛ كما يسهر على تنظيم مؤتمر سنوي يستدعي لحضوره الوزارة الوصية ومندوبيها والإعلام لاستعراض حصيلة عمل المجلس وتقييمه والخروج بالتوصيات الكفيلة بالنهوض بالقطاع السياحي. هذا وإن تعذر خلق هذه الهيئة فإن تقوية دور الكونفيدرالية الوطنية للسياحة يبقى بديلا وحلا مؤقتا شريطة انفتاحها على كل مكونات سلسلة القيم و تعزيز الشراكة معها وقيامها بالمهام السالفة الذكر.

5. تجويد خدمات الخطوط الملكية المغربية سواء داخل المطارات أو على متن طائراتها وتعزيز أسطولها للربط بين أكبر عدد ممكن من المطارات الدولية لحل مشكل خدمات النقل الجوي الذي يعيق نمو القطاع السياحي.

6. تجويد الخدمات عند نقاط العبور البري والجوي وتسهيل وتسريع وتيرة عملية الدخول الى المغرب تفاديا للطوابير التي تثير استياء السياح.

7. القيام بحملات توعوية مكثفة ومنتظمة عبر الأثير والقنوات التلفزية تستهدف خصوصا ساكنة المدن والمناطق السياحية لإبراز أهمية السياحة وضرورة العناية بها والحفاظ على استمراريتها بما يستلزمه واجب كرم الضيافة والقيم والأعراف المغربية الأصيلة وروح المواطنة.

8. تعزيز صفوف الأمن الوطني بالمزيد من العناصر لمحاربة كل المظاهر المسيئة لسمعة المغرب كالتسول الذي اكتسى طابعا احترافيا و”دوليا” وتنامي نسبة الإجرام بكل أنواعه وأصنافه وأوكار الدعارة ودور الضيافة والنقل السياحي غير المرخصين ومضايقات وتحرش وبلطجة حشود العاطلين والمنحرفين والباعة داخل وخارج الأسواق و ممتهني الفرجة وعاملي أكشاك الطعام خصوصا في ساحة جامع الفنا، ثم زجر ركوب الدراجات العادية والنارية داخل الأسواق العتيقة على وجه التحديد لما تشكله من خطر على الزوار و المتبضعين أجانبا كانوا أو مغاربة.

9. إجبار سائقي سيارات الاجرة الصغيرة والكبيرة على حد سواء على احترام مدونة أخلاقيات مهنتهم وسحب رخصة ثقة كل مخل بها. هذا مع التأكيد على ضرورة ارتداء السائقين لزي موحد واستعمال العداد وتجنب المنافسة غير الشريفة وغير القانونية التي يفرضونها على أصحاب النقل السياحي.

10. ضرورة عمل إدارات الموارد البشرية في الفنادق المصنفة على إعداد برامج للتكوين المستمر وإعادة تأهيل مستخدميها وتحفيزهم بشتى الوسائل الممكنة أو المتاحة (رفع الأجور، العلاوات، القروض المجانية…) للرفع من مستوى الأداء والمردودية وتجويد الخدمات الموفرة لنزلاء هذه الفنادق في إطار ما يسمى ب “القيمة مقابل التكلفة” “Le rapport qualité /prix” لما لذلك من انعكاسات إيجابية على مؤشر رضا السياح و مما يساهم في الترويج شفهيا للمغرب.

11. تطهير وتحرير بيئة وكالات الأسفار من جو الفوضى والعشوائية وقبضة المنافسة غير الشريفة التي تلوثها بسبب الوتيرة المقلقة لتزايد عدد المتطفلين على هذا الميدان في غياب حسيب أو رقيب مما ينم ربما عن الافتقار إلى ترسانة من التدابير تحمي وكالات الأسفار المرخصة ومصالحها أو تواجد ثغرة في القانون المؤطر لها يتم استغلالها بشكل بشع من طرف شرذمة من الدخلاء تساهم في تدني الخدمات وتشويه السياحة في المغرب. هذا ويجب أن تنكب وكالات الاسفار على تنويع عروضها وإعطائها زخما جديدا بدل الاكتفاء بالعروض النمطية الحالية وهذا لا يتأتى إلا عن طريق الاستكشاف “Repérage” بصفة منتظمة أو بعبارة أخرى “التنقيب” عن مناطق سياحية جديدة (أو ما يصطلح على تسميته ب “المنتجات المتخصصة أو المميزة” “Produits de niche”) يمكنها استقطاب المزيد من السياح والرفع من القيمة المضافة مع ضرورة صياغة ما يلائمها من أنشطة والاستعانة بخدمات مرشدين سياحيين مرخصين، أكفاء ومقتدرين للسهر على تنفيذها وإنجاحها والمساهمة في تسويقها.

12. العناية بالسياحة الداخلية وتطويرها باعتماد عروض تفضيلية طيلة السنة تراعي القدرة الشرائية لشريحة عريضة من المغاربة.

13. تعزيز البنية التحتية بالطرق المعبدة والقناطر للربط بين المدن السياحية والقرى والمداشر المؤهلة لتكون “منتوجا مميزا” والتي ستسهم لا محالة في الرفع من القيمة المضافة بالنظر الى الإقبال العالمي على السياحة الإيكولوجية التي تدخل نفسها في إطار السياحة المستدامة والتي أصبحت موضة لا تكفي مسايرتها فقط بل تستدعي أيضا العمل الدؤوب قصد تطويرها لاستقطاب المزيد من السياح.

14. تطبيق المادة 381 من القانون الجنائي في حق منتحلي صفة المرشد السياحي مغاربة كانوا أو أجانب للحد من تكالب المتطفلين على هذه المهنة وما يتمخض عن ذلك من مشاكل وبالتالي رد الاعتبار لممتهني الإرشاد السياحي المرخصين. وبالنظر لإخفاق جمعيات المرشدين السياحيين وفشلها حتى الآن في إعداد مشروع أو مجرد تصور لتطوير مهنتهم والنهوض بها وتوحيد صفوف ممتهنيها وصياغة برامج تكوينية لفائدتهم تراعي تنوع مشاربهم واختلاف مستوياتهم الثقافية والفكرية واقتراح مسودة شراكة فعلية وفعالة مع الوزارة الوصية ثم مع باقي تمثيليات المهن التي تدخل في خانة سلسلة قيم السياحة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو ما الفائدة من هذه الجمعيات ما دام دورها يقتصر على جمع واجبات الانخراط وهدرها فيما لا يسمن ولا يغني من جوع و لا تؤدي المهام المنتظرة منها وما دامت لا تخدم إلا مصالح وزارة تجد ضالتها في الجو المشحون وانعدام التجانس والتفرقة السائدين لاتخاذ قرارات و تمرير قوانين أقل ما يقال في حقها أنها خارجة عن القانون ؟

وللخروج من الأزمة الخانقة التي تعصف بمهنة الإرشاد السياحي وباتت تلوح بأفق ضبابي يقض المضاجع، فإن نخبة من مهنيي الإرشاد السياحي بادرت إلى خلق أول نقابة حرة في تاريخ هذه المهنة وسهرت على صياغة قانون أساسي وقانون داخلي معقلنين و إعداد مدونة قواعد سلوك المرشد السياحي متخذة كشعار أسمى “القطيعة مع السياسة المستبدة وغير الديمقراطية التي تنهجها الوزارة الوصية”. ومن بين أهداف هذه النقابة الفتية أذكر على سبيل المثال الترافع والدفاع عن حقوق المرشد السياحي المعتمد والسهر على تقديم المقترحات والمشاريع الرامية إلى الرقي بمهنة الإرشاد السياحي الى المرتبة التي تستحقها و الدعوة الملحة إلى إشراك هذه النقابة في اتخاذ كل القرارات القطاعية مع مطالبة وزارة السياحة بإلزامية تصنيف المرشدين السياحيين “catégorisation des guides de tourisme” وإصدار وثائق عمل جديدة خاصة بكل فئة لما في هذه الخطوة من إيجابيات أولها تسهيل عملية انتقاء برامج التكوين المستمر حسب الفئة المستهدفة وتحديد تعريفة خدمات كل صنف على حدة لتمكين السياح من الاستعانة بخدمات الصنف الذي في متناولهم أو يفي بالغرض من زيارتهم أو جولتهم السياحية.

15. الانكباب على حل مشاكل قطاع النقل السياحي والقيام بحملات تطهيرية بشكل منتظم لشذب الدخلاء عنه كخطوة أولى لإصلاحه ثم دراسة إمكانية إعادة تأهيل العاملين به في إطار برنامج تكويني شمولي وإجبار أرباب النقل السياحي على التصريح بمستخدميهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لتمكينهم من الاستفادة من التأمين الإجباري على الصحة وضمان تقاعد يصون كرامتهم. وللرقي أكثر بهذا القطاع وإضفاء الاحترافية عليه يتوجب على القائمين عليه إعتماد سمة الجودة “label de qualité” ووضع إطار مرجعي “cadre référentiel” للمهنة و مدونة لقواعد سلوك وأخلاق سائق النقل السياحي علما أنه لحد الآن لم تفلح شركات النقل السياحي ولو في توحيد زي سائقيها وذلك أضعف الإيمان.

16. ضرورة تزويد المدارات السياحية والشوارع الرئيسية والحدائق العمومية بأكشاك المعلومات و بمرافق صحية متسقة مع معايير الجودة العالمية. وللتذكير فإن المرافق الصحية المتنقلة التي وضعت بمناسبة مؤتمر المناخ “كوب 22” كانت قد حظيت باستحسان وترحيب ساكنة مدينة مراكش وزوارها لتختفي مع الاسف الشديد مباشرة بعد اختتام فعاليات المؤتمر، مما يثير العديد من التساؤلات حول مدى وعي المجالس الجماعية بأهمية السياحة كرافعة للتنمية و اكتراثها بمستقبلها و بإلزامية إعطاء السياح صورة مشرفة عن البلد. ولعل أبرز مثال لتقاعس وتخاذل المجالس الجماعية وعدم مبالاتها هو التعثر الذي شمل أضخم المشاريع التنموية كمشروع “مراكش الحاضرة المتجددة” بالرغم من تدشينه من طرف أعلى سلطة في البلد وبالرغم من قيمة الغلاف المالي الذي خصص له.

17. وضع حد لظاهرة ارتفاع أعداد حراس السيارات وبلطجتهم وحالة التسيب التي تشكل السمة الأساسية لتسيير المرائب والتي تعزى إما إلى فساد المجالس الجماعية وتواطئها مع مافيا هذا القطاع أو إلى إخفاقها في تدبير هذا الملف. وبالتالي، فقد تكون العودة إلى نظام فخاخ السيارات (“الصابو”) – وفقا لدفتر تحملات صارم – حلا مؤقتا يجنب الناس وقاحة وشطط حراس السيارات في انتظار بديل حقيقي أكثر نجاعة.

18. انكباب الحكومة على التشجيع الفعلي للسياحة الداخلية في إطار مقاربة إنصاف المواطن المغربي وضمان حقه في السفر والسياحة وذلك بتسقيف أسعار المبيت في الوحدات الفندقية والإقامات المفروشة ودور الضيافة سواء المصنفة وغير المصنفة والمطاعم وإنالتهم نفس العناية التي ينالها السائح الأجنبي أو أكثر وتحرير الشواطئ من براثن جحافل محتليها دون سند قانوني الذين يرغمون المصطافين تحت طائلة البلطجة والتعنيف اللفظي والجسدي على اكتراء المظلات و الطاولات والكراسي بأثمنة مبالغ فيها جدا دون حسيب أو رقيب مما يطرح أكثر من سؤال حول احتمال تواطؤ المجالس الجماعية والسلطات المحلية مع عصابات البلطجة.

الإقلاع إذا بالصناعة السياحية رهين كغيره من القطاعات الحيوية والخدماتية والميادين المنتجة بالجدية التي دعا إليها صاحب الجلالة نصره الله في خطاب العرش ليوم الإثنين 31 يوليوز. وتتمثل الجدية، فيما يتعلق بالقطاع موضوع تحليلي، في تكتل و تكافل جهود كل من وزارة السياحة والمكتب الوطني المغربي للسياحة و فاعلي القطاع في إطار شراكة ينبثق عنها مجلس أعلى للسياحة – كما سلف الذكر- يدشن استراتيجية واقعية و جريئة تضع نصب عينيها تحديد الأولويات ووضع الآليات والميكانيزمات اللازمة لتحقيق الأهداف المسطرة داخل الآجال المحددة.

وإذ يحدوني الأمل في عدم الوقوع في فخ الطوباوية التي لطالما كنت مناهضا لها، أود التذكير بأن ما استعرضت آنفا من معيقات ومشاكل هيكلية وتنظيمية هي نفسها التي تشكل الأولويات التي تستدعي تدخلا سريعا و حلولا فورية وفعالة. إذ فقط بتخطي تلك العقبات والاكراهات سيتسنى للهيئة العليا (المجلس الأعلى للسياحة) أن يحقق نقلة نوعية ترقى بالصناعة السياحية في المغرب إلى مصاف الدول الرائدة في هذا الميدان كإسبانيا وتركيا وغيرهما من الوجهات السياحية التي ما فتئت تستهوي وتستقطب أعدادا هائلة من السياح.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.