القضية الفلسطينية: تزييف الوعي تحت عباءة الإيديولوجيات الدينية

دينبريس
2025-02-02T14:49:44+01:00
آراء ومواقف
دينبريس2 فبراير 2025آخر تحديث : الأحد 2 فبراير 2025 - 2:49 مساءً
القضية الفلسطينية: تزييف الوعي تحت عباءة الإيديولوجيات الدينية

منتصر حمادة
“القضية الفلسطينية عند رواد في الفكر المغربي المعاصر”، هو عنوان ندوة برمجتها مؤخرا مؤسسة إسلامية حركية، تابعة لجماعة “العدل والإحسان”، والحديث عن “مؤسسة الإمام عبد السلام ياسين للأبحاث والدراسات”، مع مشاركة سبعة متدخلين للحديث عن مواقف وآراء بعض المفكرين والساسة المغاربة، وهم بالتحديد محمد عابد الجابري، الفقيه البصري، عبد السلام ياسين، محمد بن عبد الكريم الخطابي، عبد الله كنون، طه عبد الرحمن وعلال الفاسي، على أن يتكلف بعض الباحثين أو النشطاء في مجال حقوق الإنسان للحديث عن موقف الشخصية المعنية من القضية الفلسطينية.

مجرد أن يتعلق الأمر بمؤسسة بحثية تابعة لجماعة محسوبة على مرجعية إيديولوجية معينة، يجعل المتتبع أو الناقد يأخذ فكرة أولية عما هو منتظر من الحدث الثقافي المعني، والحديث هنا بشكل عام، وإن كان نموذجنا التطبيقي هنا يهم مؤسسة بحثية تابعة لمرجعية إيديولوجية إسلاموية [Islamiste]، أو إسلامية حركية، وليس صدفة أن أغلب المشاركين في الندوة المعينة، هم أعضاء في الجماعة، أو لهم تجارب إسلامية حركية سابقة، أو يتقاطع خطابهم مع المرجعية الإسلامية الحركية، وحتى المشارك القادم من مرجعية إيديولوجية مغايرة، وهي هنا مرجعية يسارية، أصبح منذ سنوات محسوبا على ما يُصطلح عليه بـ”يسار الإخوان” [Islamogauchisme]، وقد فصلنا قليلا في هذه الظاهرة منذ سنتين في كتاب “المسلمون والإسلاموية في فرنسا: التحولات والتحديات”، (نوفمبر 2022، 340 صفحة).

هذه الملاحظة تهم أي تنظيم إيديولوجي يصر على تنظيم مثل هذه اللقاءات أو إصدار مؤلفات وتنظيم محاضرات، مع الإصرار على اختزال المشاركة في هذه الفعاليات أو قل إعطاء الأولوية في المشاركة لأتباع التنظيم، سواء كان التنظيم إسلاميا حركيا أو يساريا أو صوفيا أو أيا كانت مرجعيته الإيديولوجية.

بتعبير آخر، وجهة نظر التنظيم الإيديولوجي المعني في تفاعل بعض النخب الفكرية والسياسية المغربية مع القضية الفلسطينية، سوف تتقاطع بالضرورة، على ضوء مضامين المداخلات، مع موقف الجماعة المعنية، ولا يمكن أن نعاين مثلا، مؤاخذات فالأحرى اعتراضات وانتقادات لمواقف الجماعة نفسها من تدبير القضية، وهذا أمر منتظر كما سلف الدكر، أخذا بعين الاعتبار تأثير الأفق النظري، شرط ألا يزايد علينا هؤلاء وغيرهم من باقي التنظيمات الإسلامية الحركية ومن باقي المرجعيات، اليسارية والليبرالية والاشتراكية والصوفية وغيرها، بأن الأمر يتعلق بندوة علمية أو موقف تلك النخبة الفكرية من القضية الفلسطينية، مادام الأمر محدد الأفق “الاجتهادي” سلفا.

وهذا عين ما تتضمنه الكتب الصادرة عن المراكز البحثية التابعة للجماعة المعنية، أو التابعة لحركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية، وهم أحرار في ذلك، مع فارق ألا نطلب من تلك الإصدارات أن تكون ملتزمة بالصرامة العلمية، بمقتضى غلبة هاجس الانتماء للتنظيم على حساب الانتصار للمقصد العلمي الرصين.

بين أيدينا تطبيقي في هذا الاتجاه، ضمن مجموعة من الأمثلة: في غضون 2012، صدر كتاب هنا في المغرب تحت عنوان “الربيع العربي وأسئلة المرحلة”، وصدر العمل عن منشورات “مجلة الهدى”، وهي ومؤسسة محسوبة على جماعة العدل والإحسان.

مؤشر واحد فقط، ضمن مؤشرات أخرى، يغذي أحقية الحديث عن كتاب صادر عن الجماعة بخصوص تقييم أحداث الساحة حينها، وعنوانه كثرة الاقتباس من أعمال مرشد الجماعة، الشيخ عبد السلام ياسين، كما هو واضح في أغلب المقالات الواردة في العمل.

ما يهمنا هنا، أن الكتاب تضمن قراءة أنجزها أحد المشاركين في كتاب “الحرية أو الطوفان”، وهي دراسة للخطاب السياسي الإسلامي من تأليف حاكم المطيري في غضون سنة 2003 أي قبل ثمان سنوات من أحداث 2011، مع أننا نجد في مجالنا الثقافي/ البحثي المغربي، كتاب “انتفاضات في زمن الذلقراطية” للراحل المهدي المنجرة (صدر في غضون 2000، ثلاث سنوات قبل كتاب “الحرية أو الطوفان”)، لولا أن ثنايا ومقاصد هذا العمل، كانت على ما يبدو بعيد عن حسابات ومقاصد كتاب “الحرية أو الطوفان”.

الشاهد هنا، هذا مثال تطبيقي بسيط، يترجم بعضا من تزييف الوعي، باسم الخطاب الإيديولوجي، والنموذج في هذه المقالة، مع إيديولوجية دينية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.