27 أغسطس 2025 / 06:50

الدين في الصين: هل تنجو المعتقدات التقليدية من قبضة الدولة؟

تحرير: يسار عارف
يشكل الدين في الصين موضوعًا حساسًا يجمع بين الممارسات التقليدية العريقة والتنظيم الرسمي الذي تفرضه الدولة.

وعلى الرغم من أن الدستور الصيني يضمن حرية المعتقد، فإن ممارسة الدين تخضع لمجموعة من القوانين والسياسات التي تحدد الأطر المسموح بها وتراقب الأنشطة الدينية بعناية.

تعترف الحكومة الصينية رسميًا بخمس ديانات رئيسية: البوذية، الكاثوليكية، البروتستانتية، الطاوية، والإسلام.

وهذه الأديان تعمل تحت إشراف جمعيات دينية رسمية، مثل الجمعية البوذية الصينية والجمعية البروتستانتية الوطنية، التي تنظم النشاط الديني وتضمن توافقه مع سياسات الدولة.

ويُطلب من جميع الممارسين الانضمام إلى هذه الجمعيات للحصول على تصاريح ممارسة الشعائر الدينية، وهو ما يعكس رغبة الحكومة في الحفاظ على الرقابة والسيطرة على الممارسة الدينية الرسمية.

على الجانب الآخر، هناك ديانات غير معترف بها رسميًا، مثل بعض الفرق المسيحية المستقلة، والجماعات الروحية التقليدية، والممارسات الدينية الشعبية التي لا تخضع لهيكل تنظيمي رسمي.

هذه المجموعات غالبًا ما تواجه قيودًا أو مضايقات، خاصة في المناطق الحساسة مثل شينجيانغ والتبت، حيث تُفرض مراقبة صارمة على التعليم الديني والاجتماعات الدينية، وقد تصل أحيانًا إلى الاعتقال، وفقًا لما أوردته تقارير حقوقية دولية.

وعلى الرغم من الرقابة الرسمية، فإن الممارسات الدينية التقليدية تحتل مساحة واسعة في الحياة اليومية للصينيين. يُشارك حوالي 80% من السكان في طقوس واحتفالات دينية تقليدية، مثل عبادة الأسلاف واحتفالات رأس السنة الصينية.

هذه الطقوس، التي تشمل تقديم القرابين وإقامة الشعائر التقليدية، تعكس التمسك بالهوية الثقافية والدينية، حتى في ظل القيود المشددة على الأنشطة الدينية غير الرسمية.

ويواجه الوضع الديني في الصين تحديًا مستمرًا في التوازن بين الحفاظ على حرية المعتقد وحماية النظام الاجتماعي والسياسي الذي تفرضه الدولة، فبينما تشجع الدولة المواطنين على الانتماء للمنظمات الدينية الرسمية، فإن أي نشاط يُعتبر خارج الإطار الرسمي قد يعرّض المشاركين له إلى إجراءات قانونية صارمة.

هذه السياسات، بحسب الحكومة، تهدف إلى منع التطرف والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، لكنها في الوقت نفسه تحد من مرونة الممارسات الدينية وتفرض قيودًا على حرية التعبير الديني.

إلى ذلك، يعكس الوضع الديني في الصين التداخل بين التقاليد العريقة والمراقبة الحكومية الصارمة، وبين الحرية الفردية والسيطرة السياسية.

فبينما تستمر القيود الرسمية، تستمر الممارسات الشعبية في الحفاظ على ثقافة دينية غنية ومتنوعة، مما يجعل الصين نموذجًا فريدًا لتفاعل الدين مع الدولة في القرن الحادي والعشرين.