الخطة الخفية لترامب في معركته ضد «الإخوان المسلمين»
تحرير : دين بريس
استنادا إلى تحليل موسع نشره موقع “Mondafrique” للصحافي الفرنسي إيف مامو، تتكشف ملامح سياسة أميركية متدرجة اعتمدتها إدارة الرئيس دونالد ترامب منذ مطلع عام 2025، بهدف الحد من نفوذ جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها واشنطن شبكة أيديولوجية عابرة للحدود تمتلك أدوات تأثير واسعة في المجالين السياسي والأكاديمي.
يكشف التحليل عن رؤية أميركية ترى في الجماعة امتداداً لمشاريع متطرفة ذات طابع عالمي، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية ماركو روبيو بوصفها «أحد الجذور الفكرية للحركات الجهادية الحديثة». وتشرح الباحثة الفرنسية فلورنس بيرجو–بلاكير آليات «التغلغل المؤسسي» التي تعتمدها الجماعة عبر استثمار آليات الديمقراطية لإعادة تشكيل بيئات مؤثرة داخل المجتمعات الغربية.
يوقع ترامب، في 24 نوفمبر 2025، مرسوما يصنف «كل فرع تابعة للإخوان المسلمين» تنظيما إرهابيا، في خطوة شديدة الدلالة على تحوّل جذري في المقاربة الأميركية تجاه التنظيم، ورغم أن الإعلان ركّز على فروع محددة، فإن آثاره طالت كيانات داخل الولايات المتحدة يشتبه بارتباطها بالشبكة الإخوانية.
يبدأ مسار المواجهة قبل ذلك التاريخ، كما يوضح التحليل المنشور في “Mondafrique”. فمنذ دخوله البيت الأبيض، يعتمد ترامب سلسلة خطوات توحي بوجود «خطة ثلاثية» تستهدف محاصرة النفوذ الإخواني على مستويات التعليم والتمويل والتنظيم.
يطلق البيت الأبيض في 30 يناير 2025 المرحلة الأولى، مركّزا على معالجة ما تصفه الإدارة بالتغلغل الأيديولوجي داخل الجامعات. ويصدر ترامب مراسيم توقف التمويل الفيدرالي عن المؤسسات التي سمحت باعتداءات على طلاب يهود تحت شعارات سياسية، فيما تفتح الإدارة ملف التمويل الأجنبي، لتتكشف تدفقات مالية ضخمة من «جهات خارجية» أسهمت في إنشاء أقسام أكاديمية ذات توجه سياسي واضح.
يلزم ترامب الجامعات، في أبريل 2025، بالكشف الكامل عن مصادر تمويلها «حماية لنزاهة البحث العلمي ومنعا للدعاية القادمة من جهات أجنبية». ويأتي هذا الإجراء ضمن سياسة تهدف إلى تعزيز الشفافية وإحكام الرقابة على التمويلات العابرة للحدود.
ينتقل البيت الأبيض في مايو 2025 إلى المرحلة الثانية، ساعيا إلى إعادة توجيه الاستثمارات الخارجية نحو الاقتصاد الأميركي بدلا من استثمارها في مشاريع ذات بعد أيديولوجي. وتوقّع الإدارة اتفاقيات تجارية ضخمة تعيد تنظيم حركة رؤوس الأموال الأجنبية على نحو يخدم أولويات الصناعة الأميركية، رافعة بذلك شعار: استقبال الاستثمار… ورفض التأثير السياسي المموّل من الخارج.
يعتمد ترامب في نوفمبر 2025 المرحلة الثالثة، القائمة على تصنيف المنظمات المرتبطة بالإخوان على لوائح الإرهاب بشكل فردي، نظرا لعدم امتلاك الجماعة كيانا قانونيا موحدا. ويشدد وزير الخارجية روبيو على ضرورة «جمع الأدلة بصورة دقيقة تشبه حل مسألة رياضية»، مؤكدا أن عملية التقييم تشمل مراجعة مستمرة لمستويات الارتباط أو التعاطف مع التطرف.
يسعى البيت الأبيض من خلال هذه السياسة إلى تجنب مواجهة مباشرة مع «جهات أجنبية» ترتبط تاريخيا بالبنية العابرة للحدود للتنظيم، ما يضع تلك الجهات أمام اختبار دقيق بين الحفاظ على علاقاتها مع واشنطن أو مواصلة الارتباط بشبكات الإخوان.
يخلص تحليل إيف مامو إلى أن ما يظهر كخطة ثلاثية ليس سياسة مكتوبة، بل مسارا متراكما من القرارات التي تكشف رؤية سياسية جديدة تسعى واشنطن من خلالها إلى إعادة رسم المشهد الأيديولوجي داخل الولايات المتحدة، وفتح فصل جديد في المواجهة مع الشبكة العالمية للإخوان المسلمين.
التعليقات