لا يزال التعصب الديني يشكل مصدر قلق خطير في جميع أنحاء أوروبا. حيث واجه المسلمون واليهود لعدة سنوات، بما في ذلك عام 2021، ارتفاع مستويات كره الأجانب والتمييز التي دفعت الكثيرين في كلا المجتمعين لإعادة النظر فيما إذا كانت أوروبا مكانا آمنا للعيش، إذ أن المسيحيين أيضا يعانون من تزايد مستويات التعصب الديني في أوروبا خلال السنوات الأخيرة.
ويواجه المسلمون واليهود في أوروبا مزيجا محيرا من قوانين الذبح التي تؤثر سلبا على قدرتهم على شراء لحوم الكوشر الحلال. ففي بعض البلدان مثل فرنسا، تقيد الحكومات ارتداء الزي الديني في الأماكن العامة و / أو في الوظائف العامة، كما يفعل بعض أرباب العمل في القطاع الخاص. وقضت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في يوليو 2021 بأنه يجوز لأصحاب العمل بموجب اعتبارات معينة منع ارتداء الرموز الدينية المرئية مثل الحجاب الإسلامي والكيبا اليهودية، ولكن يجب أن تكون لديهم حاجة حقيقية من أجل القيام بذلك ويجب أن تكون حقوق الموظف ضرورية. وقد أعيد تأكيد القرار وتوسيعه بناء على حكم صادر عن نفس الهيئة في عام 2017.
لقد استمر نمط معاداة السامية المألوف في عام 2021 في شكل هجمات لفظية واعتداءات جسدية وتمييز وتشويه محرقة اليهود وأعمال تخريب متفشية. وقد شهدت فرنسا وإنجلترا زيادات شديدة في عدد الحوادث المعادية للسامية على مدار العام، بينما شهد اليهود في ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا وإنجلترا نوبات أكثر خبرة من العدوان الجسدي واللفظي المعادي للسامية. وكانت المقابر اليهودية والمعابد اليهودية ومطاعم الكوشر أهدافا للتخريب الذي شمل الصليب المعقوف وتدمير شواهد القبور ولحوم الخنازير والشعارات المعادية للسامية.
وبدأت بولندا عام 2018 في تطبيق قانون جعل إلقاء اللوم على الأمة البولندية على الجرائم التي ارتكبها النازيون أمرا غير قانوني. وقد قدم مؤرخان للمحاكمة في فبراير لدراستهما دور مجموعة من القرويين الذين ساعدوا النازيين في قتل اليهود المختبئين في غابة قريبة في عام 1944. وفي تطور إيجابي، ألغت محكمة الاستئناف في النهاية حكما كان قد أمر على العلماء أن يعتذروا عن أبحاثهم.
وقد كان شهر مايو محفوفا بمعاداة السامية بشكل خاص بسبب الصراع العنيف الذي دام أسبوعين في إسرائيل مما ترك العديد من اليهود يائسين بشأن سلامتهم في أوروبا. لقد تضمنت العديد من المظاهرات في جميع أنحاء القارة لغة معادية للسامية، حرق الأعلام الإسرائيلية أمام المعابد والمراكز المجتمعية، تهديدات عنيفة، وعمليات التخريب.
وقد أبلغ عن عدد قياسي من الحوادث المعادية للسامية في لندن في ذلك الشهر. وأصدرت لجنة الولايات المتحدة المعنية بالحرية الدينية الدولية (USCIRF) تقريرا في أبريل يحلل معاداة السامية في 11 دولة في أوروبا ويفحص السياسة الخارجية للولايات المتحدة من حيث صلتها بمكافحة معاداة السامية في أوروبا.
كما سلطت لجنة الولايات المتحدة المعنية بالحرية الدينية الدولية الضوء في جلسة استماع في فبراير 2022 حول “السياسات المعادية للمسلمين والتحيز في أوروبا” على أن هذا التحيز يظهر من خلال القوانين، والتمييز في المؤسسات العامة، والتحيز في عملية الهجرة، والمضايقات عبر الإنترنت، والهجمات العنيفة. وقد وجد تحقيق في حزب المحافظين في المملكة المتحدة أن الحزب ينظر إليه على أنه “متبلد المشاعر” تجاه المسلمين وأن “المشاعر المعادية للمسلمين تظل مشكلة” على المستويين المحلي والفردي. وأصدرت الحكومة النمساوية خريطة أظهرت مواقع أكثر من 600 مسجد ورابطة إسلامية في البلاد في خطوة يقال إنها “محاربة الأيديولوجيات السياسية، وليس الدين” تشير ظاهريا إلى الإسلام السياسي.
ومع ذلك، لاحظ السياسيون النمساويون والجماعات المناصرة أن الخريطة لن تؤدي إلا إلى زيادة سوء النية تجاه الجماعات الإسلامية ويمكن أن تزيد من تعريض حياة المسلمين الذين يعيشون في النمسا للخطر. وتظل المسلمات في ألمانيا محرومات من فرص العمل لأنهن يرتدين الحجاب. وقد خضع رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان والمتحدث باسمه للتدقيق بسبب اقتراحهم بأن انضمام البوسنة الى الاتحاد الأوروبي سيكون صعبا بسبب العدد الكبير من المسلمين في البلاد.
ويرد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على انتشار ما يسميه “الانفصالية الإسلامية”، زاعما أنها تقوض القيم الفرنسية ومبدأ العلمانية. ونتيجة لذلك ، سنت الحكومة الفرنسية، في يوليوز قانونا يعزز احترام مبادئ الجمهورية، مما يعزز إشراف الدولة على المساجد والمنظمات الإسلامية الأخرى. وتتمتع الحكومة الآن بسلطة إغلاق دور العبادة وحل المنظمات الدينية دون أمر من المحكمة إذا كان أي من أعضائها “يثير العنف أو يحرض على الكراهية”.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على المنظمات الدينية الحصول على تصريح حكومي كل خمس سنوات وتخضع لمراجعة سنوية إذا كانت تتلقى تمويلا أجنبيا. ويقول منتقدو القانون الجديد إنه يمنح الحكومة سلطة كبيرة على الجماعات المدنية والدينية ويستهدف الإسلام بشكل غير عادل في بلد واجه فيه المسلمون عقودا من التمييز وجرائم الكراهية والتهميش. وقد ساهم في هذا القلق تطلعات إريك زمورالرئاسية، صحافي له تاريخ من الخطاب المعادي للمسلمين، في عام 2021.
وواجه المسيحيون الأوروبيون أيضا مواقف التعصب الديني وجرائم الكراهية، مما يمثل مشكلة متصاعدة على مدى السنوات العديدة الماضية. وقد تحمل المسيحيون الاعتداءات الجسدية واللفظية، وفي بعض الحالات تعرضت ممتلكاتهم المجتمعية للتخريب والتدنيس والسرقة والحرق العمد. وحقق اثنان من المشرعين الفرنسيين في جرائم الكراهية الدينية في بلادهم ووجدوا أدلة على 857 حادثة معادية للمسيحيين في عام 2021 وحده، بما في ذلك حادثة دمر فيها مخربون مجهولون سرادق كنيسة مرسيليا وأحرقوا جميع أناجيلها. وتعرضت كنيسة في إيطاليا في الخريف لسلسلة من حوادث التخريب، ووقعت هجمات إحراق متعمدة على العديد من الكنائس في جميع أنحاء القارة بما في ذلك فرنسا وألمانيا وإيطاليا وسويسرا. وفي دجنبر، تعرض الكاثوليك المشاركون في موكب ماريا في باريس للتهديدات وغمرهم الماء.
بينما تكافح بعض الحكومات لاحتواء تهديدات أعضاء الجماعات الدينية الجسدية واللفظية، تعرضت شركات وسائل التواصل الاجتماعي أيضا لانتقادات بسبب فشلها في احتواء رسائل الكراهية على منصاتها. وكان هذا الفشل شديدا خصوصا فيما يتعلق بتهديدات الجماعات المتطرفة، التي غالبا ما تعرب عن رهاب شديد للأجانب وخطاب مناهض للمهاجرين وترتكب جرائم تستهدف المسلمين واليهود. وقد أقر وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفرفي مايو بأن “التطرف اليميني هو أكبر تهديد ” في ألمانيا.
وأظهرت دراسة حديثة أن منصة التيكتوك هي بؤرة لاستهداف المسلمين واليهود واعتناق “إيديولوجيات مؤيدة للعنف والكراهية” مثل “نظرية الاستبدال العظيم” و “الإبادة البيض الجماعية “. وفي إحدى الحالات، استخدم مقطع فيديو يظهر فيه حاخاما يتحدث عن تزايد التضامن بين اليهود والمسلمين كمبرر للحجج بأن هذه المجتمعات كانت “ضد الأوروبيين”. ويستمر كذلك إنشاء نظريات المؤامرة المعادية للسامية والمناهضة للمسلمين بشأن كوفيد 19 ونشرها على مواقع تويتر و فايسبوك و انستغرام، مثل أن اليهود والمسلمين ينشرون الفيروس عن عمد.
ــــــــــــــ
ترجمة دنيا الساسي
المصدر:
https://www.uscirf.gov/sites/default/files/2022-04/2022%20USCIRF%20Annual%20Report_1.pdf صفحة 68
المصدر : https://dinpresse.net/?p=17591