إصدار: الخروج من الحرب.. من الحروب الدينية إلى النزاعات غير المتكافئة

إيمان شفيق

على مدى عدة عقود، وعلى عكس التأريخ التقليدي، أظهرت مجموعة متزايدة من الدراسات تعقيد فترات الانتقال بين الحرب والسلام. ويُعترف اليوم بأن الخروج من الحرب يبدأ قبل النهاية الرسمية لأعمال العداء ويستمر طويلا بعد أن تخمد الأسلحة. كما يُعترف أيضا أنه تتقاطع فيه، حسب الجداول الزمنية والإيقاعات المختلفة، على المستوى الفردي والجماعي، مظاهر من العنف النهائي، سياسات الاحتلال و/أو التطهير، عودة أولئك الذين نزحوا بسبب النزاع، التسريح الثقافي، تنفيذ مشاريع الإصلاح، اقتصاد تحويلي قائم على الاعتراف، معالجة العواقب الجسدية والنفسية، عمليات الحداد والذاكرة، وأخيرا سرد النزاع.

يتناول هذا الكتاب مجمل هذه المسألة على المدى الطويل، من حروب الدين إلى النزاعات بعد عام 1945، من قبل أفضل المتخصصين في كل فترة.

هذا العمل الجماعي، الذي أشرف عليه متخصص في النزاعات، يدرس تسعة “لحظات حربية” رئيسية. ويبدأ الكتاب بنهاية الحروب الدينية التي اجتاحت أوروبا في القرن السادس عشر، “والتي تمت من خلال إجراءات للاعتراف بالآخرية الدينية والتعايش أكثر من كونها تسامحا حقيقيا”، كما يبرز نيكولا لو روكس، أستاذ في جامعة السوربون. وينتهي الكتاب بالنزاعات غير المتكافئة في أواخر القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين وحروبها التي لا تنتهي.

يُشير المؤرخ غيوم بيكيتي، مدير مركز التاريخ في جامعة ساينس بو بباريس، في مقدمة كتاب “الخروج من الحرب: من الحروب الدينية إلى الصراعات غير المتماثلة”، إلى أنه “على عكس التأريخ التقليدي الذي يركز على الثلاثية المكونة من فترة ما قبل الحرب، الحرب، وما بعد الحرب، فقد أظهرت عدد متزايد من الدراسات ثراء هذه الفترات، وطبيعتها التي تتسم بالديناميكية والتعدد، ومن ثم تعقيد فترات الانتقال بين السلم والحرب”.