ترجمه عن الإسبانية محمد الولي
راجعه عن الإنجليزية توفيق سخان
هذا التصريح لبِرتْراندْ رَاسلْ حول الشرق الأوسط يعود تاريخه إلى 31 يناير 1970، وتم إلقاؤه يوم 3 فبراير، أي بعد وفاة راسل بيوم واحد، في المؤتمر الدولي لاجتماع البرلمانيين في القاهرة.
هذا النص النادر لبِرتْراندْ راسْل حول القضية الفلسطينية. راسل هو من أعظم الفلاسفة في الفكر الغربي. يحتل العقل والحق في تفكيره مكانة مرموقة يعز نظيرها. ولهذا فإن رأيه في القضية الفلسطينية يقدم برهانا مفحماً لكل المتاجرين في القضية الفلسطينية، ماضيا ومستقبلاً، ولكل مزاعم الحركة الصهيونية.
قرأت النص مترجما بالإسبانية. لاحظت أن النص الإسباني فيه خطأ شنيع لا مجال للتذكير به. التمست الترجمة الفرنسية ولم أعثر عليها، ثم اتجهت إلى البحث عن الأصل الإنجليزي الذي نشره نُورْمَان فينْكلْسْتَاينْ، المؤرخ الذائع للقضية الفلسطينية وأحد أعضاء محكمة بِرترَاند راسْل الخاصة بمحاكمة مجرمي الحرب الذين طال ظلمهم البشع الشعب الفلسطيني.
وبما أن طريقي إلى اللغة الإنجليزية مقطوعة فقد رأيت أن الاستعانة بأحد زملائي من الباحثين المرموقين والمتمكنين من اللغتين العربية والإنجليزية أمرا واجبا. إنه الدكتور توفيق سخان. وبالفعل فقد استجاب مشكورا حينما التمست منه مراجعة النص على الأصل الإنجليزي. ولولا تنقيحاته الدقيقة والناصعة لما فاز هذا النص الجميل بهذه الصيغة العربية.
نص بِرتْرانْد رَاسلْ:
إن الطور الأخير للحرب غير المعلنة في الشرق الأوسط تستند إلى خطأ عميق في الحساب. إن القَنبلة في عمق التراب المصري لن يؤول إلى إقناع السكان المدنيين بالاستسلام، بل ستقوي إرادتهم في المقاومة. هذا هو الدرس المستخلص من القَنبلة الجوية.
إن الفيتناميين الذين تحملوا خلال سنوات القنبلات الأمريكية الكثيفة لم يردوا يالاستسلام بل بإسقاط مزيد من الطائرات المعتدية. ففي سنة 1940 قاوم مواطنيي بالوحدة وبإصرار لم يسبق له مثيل الغارات المقنبلة التي كان يشنها هتلر. ولهذا السبب، فإن الهجومات المقنبلة إلإسرائيلية الحالية لن تجني إسرائيل من ورائها ما تنشده بالأساس، بل يجب في نفس الآن إدانتها بقوة في العالم بأسره.
إن تطور الأزمة في الشرق الأوسط لهو في نفس الآن خطير ودال. فخلال عشرين سنة توسعت إسرائيل بقوة السلاح، وبعد كل مرحلة لهذا التوسع كانت تدعو إلى “التعقل” وإلى اللجوء “إلى المفاوضات”.
هذا هو الدور التقليدي للقوة الإمبراطورية، لأنها تتطلع إلى ترسيخ بسهولة ما أخذته بالعنف.
إن كل احتلال جديد يتحول إلى قاعدة جديدة لاقتراح تفاوض مدعوم بالقوة، متجاهلا ظلم العدوان السابق. إن الاعتداء الذي اقترفته إسرائيل ينبغي أن يكون موضوع إدانة، ليس لأن أية دولة لا تملك الحق في ضم أرض أجنبية فحسب، بل لأن أي توسع هو اختبار لمدى حجم الاعتداءات التي يمكن للعالم أن يتسامح بشأنها.
إن اللاجئين الذي يحيطون بفلسطين والذي يقدرون بمئات الآلاف من الأنفس قد تم وصفهم من لدن صحفي إيف سْتُونْ واشِنطُنْ باعتبارهم “العبء الأخلاقي الذي يثقل كاهل يهود العالم”
الكثير من اللاجئين دخلوا العقد الثالث من المعاناة بسبب وضعهم الهش في مستوطنات مؤقتة.
إن مأساة الشعب الفلسطيني هي أن وطنه قد “أعطته” سلطة أجنبية لشعب آخر لإنشاء دولة جديدة.. والنتيجة هي أن هناك مئات الآلاف الأشخاص الأبرياء قد تم تجريدهم بشكل دائم من وطنهم. ومع كل نزاع جديد كان رقمهم يتزايد. فكم من الزمن سيظل العالم قابلاً لتحمل هذا المشهد المغرق في القسوة؟
من الواضح جداً أن للاجئين الحق في الأرض التي طُردُوا منها، وإن إنكار هذا الحق يوجد في قلب استمرار النزاع.
لا أحد في كل العالم يمكنه أن يقبل بالطرد الجماعي من بلده الخاص. كيف يجوز أن يطلب من الشعب الفلسطيني أن يقبل عقاباً لا يمكن لأحد أن يقبل التعرض له؟
وحدها الإقامة الدائمة للاجئين في بلدهم الأصلي لهي العنصر الجوهري لأي حل معقول في الشرق الأوسط.
لطالما قيل لنا بأننا ينبغي أن نتعاطف مع إسرائيل بسبب معاناة اليهود في أوروبا التي تسبب فيها النازيون. لا أرى في هذا الاقتراح سببا معقولا لتأبيد أية معاناة . إن ما تفعله إسرائيل في هذه الأيام لا ينبغي التغاضي عنه، كما أن استحضار فظائع الماضي لتبرير فظائع المستقبل لهو نفاق خالص.
لا تلقي إسرائيل بعدد هائل من اللاجئين في أتون البؤس فحسب، و لا يجد الكثير من العرب الواقعين تحت الاحتلال بُدا من العيش تحت نير السلطة العسكرية، بل إن إسرائيل ترغم البلدان العربية التي حصلت مؤخرا على الاستقلال على الفقر المستديم بسبب الحاجات العسكرية التي تحظى بالأولوية على حساب التنمية الوطنية.
إن كل أولئك الذين يتطلعون إلى وضع نهاية لإراقة الدماء في الشرق الأوسط ينبغي لهم أن يؤمِّنوا اتفاقاً لا ينطوي على بذور نزاعات في المستقبل. إن العدل يتطلب أن تكون الخطوة الأولى نحو الحل هي الانسحاب الإسرائيلي من كل الأراضي التي احتلتها في يونيو 1967. ثمة حاجة لحملة دولية للإسهام في تمتيع الشعب، الذي طالما قاسى في الشرق الأوسط، بالعدل.
ـــــــــــــــــــــــ
normanfinkelstein.com/2012/bertrand-russell-on-israel-and-palestine/
Bertrand Russell on Israel and Palestine
On December 20, 2012
In Blog. Bertrand Russell’s Last Message
المصدر : https://dinpresse.net/?p=11483